برنامج فنون الفرجة الشعبية
إعداد وتقديم: الصديق الصادقي العماري
إذاعة صوت ورززات
الحلقة9: سيمياء الفرجة الكناوية بتافيلالت
ضيف الحلقة: الدكتورعبد القادر محمدي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس
توطئة
ما الفرجة؟ وما الفرجة الكناوية بالخصوص؟ و من أين تستمد الجماعات الكناوية هذه التسمية أولا؟ وقبلا، ما أصل قبائل كناوة المغربية؟ وما مضمون الفرجات الطقوسية الكناوية الشعبية بواحات زيز تافيلالت؟ وما هو شكلها؟ وما هي أنواعها؟ وما علاقتها بالمقدس والدنيوي؟ هل تحمل في ممارساتها أبعادا تنحصر في الدنيوي أم تتجاوزه؟ وأين تتجلى المظاهر الفرجوية لهذه الطقوس.
تحظى الظاهرة الفنية عامة، و"الفنية الشعبية" خاصة، باهتمام كبير من لدن الدراسات السوسيولوجية والأنثروبولوجية، وذلك راجع لكون هذا الظاهرة الحيوية تدخل ضمن موضوع "الثقافة" التي تعد من دون شك إحدى الاهتمامات الأساسية لهذه الدراسات، سواء من داخل الأنثروبولوجية الثقافية أو سوسيولوجيا الثقافة، وبكون الإنسان يعتبر المتدخل الأول في كل جوانبها، وجميع الأنشطة تتمحور حوله باعتباره الصانع للفرجة، والمستفيد منها كمتلقي في الآن نفسه.
أما الفرجة الكناوية فهي من الأشكال الثقافية الشعبية المتجذرة في تاريخ واحات زيز، باعتبارها نوعا فنيا إفريقيا أصيلا. وظاهرة كناوة عموما مكونا من المكونات الثقافية المنتشرة عبر ربوع المغرب، فالكناويون يتواجدون في مختلف القرى وحتى المدن منها، ويتميزون بطقوس وأعراف خاصة، تتجسد في أفراحهم وأقراحهم في جميع المناسبات والأعياد.
فهم يحيون ليلاتهم، ويقيمون احتفالاتهم بشكل جماعي، ويتميزون بانخراط الجميع في الليلة الكناوية المعروفة على وجه الخصوص. وهذا ما يجسد الحضور الفعلي للفرجة الكناوية، باعتبارها جزءا مهما من دعائم وأسس الثقافة والهوية المغربية.
تستمد الاحتفالية الكناوية قيمتها وشرعيتها العلمية من كونها موضوعا أنثروبولوجيا واجتماعيا وثقافيا خصبا بالدرجة الأولى، كما أنها تختزن رموزا وعلامات دلالية غنية تحمل أبعادا تراثية، وتعبيرات متنوعة تجسد لعلاقات الإنسان بالمجال، والتعبير عن واقع هذا الإنسان وتطلعاته، سواء من خلال معتقداتها الدينية والثقافية، أو من خلال تعبيراتها الطقوسية الفرجوية.
كما أنها تحتفي بالمنتوج الثقافي الشعبي الإبداعي الذي يعيد الماضي بنفس جديد بكل وفاء وإخلاص، وتَجسد كل ذلك بالخصوص في مجال المقدس في احتفالات غرائبية وعجائبية تفتح آفاقا بحثية واسعة للدهشة والاستغراب والتفتيت والتأويل. وهذا ما جعلها من بين الظواهر الثقافية التي تستهوي وتلهم الباحثين والدارسين في تخصصات مختلفة.
وتتوزع جماعات قبيلة كناوة على مناطق مختلفة من واحات زيز، الناطقة بالأمازيغية منها كقصر "الخملية" بمنطقة مرزوكة، والناطقة بالعربية ك"مدغرة" و"زاوية أوفوس" و"الزاوية الجديدة" وبعص قصور عرب الصباح نواحي أرفود. وقد تركت هذه الأجناس البشرية بواحات زيز تراثا فنيا غنيا ومتنوعا تمثل في النصوص الشفهية والأشكال الغنائية والرقصات وأنواع الموسيقى، وذلك بفعل تفاعل المجموعات الكناوية مع المجال، وتفاعلها المستمر مع باقي الأجناس البشرية التي عمرت المنطقة على مر التاريخ. حيث بقيت هذه المجموعات وفية لتقاليدها وخصوصياتها الثقافية مهما اختلفت منطقة الانتماء.
وفي هذا السياق، بالرغم من الغنى الثقافي الذي تختزنه الطقوس الاحتفالية الشعبية الكناوية، إلا أنها لازالت تعرف تهميشا كبيرا بواحات زيز خصوصا، حيث تتم هذه الاحتفالات من قبل المجموعات الكناوية في الموسم الخاص بها أو الليلة الكناوية الموعودة بعد موسم الحصاد، وليس كباقي الفرجات الشعبية الأخرى كالفن الجرفي مثلا أو الملحون الذي نجدها في جل الاحتفالات الخاصة أو العامة، وكذلك في المهرجانات والاحتفالات الدينية والوطنية، فنادرا ما يتم إدماج الفن الشعبي الكناوي في هذه الفعاليات الاحتفالية.
تعليقات
إرسال تعليق
يمكنكم كتابة تعليق كقيمة تفاعلية مع الموضوع: إضافات، أو تساؤلات، أو انتقادات علمية، أو توجيهات، أو ملاحظات....