التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية


التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية

#الصديق_الصادقي_العماري(هاشتاغ)

ذ. الصديق الصادقي العماري

تقديم

الإحساس بالجمال خاصیة إنسانیة، وهو من عجائب النفس البشریة التي لا تستطیع تفسیرها، وإنما تشعر بها وتحسها، وتقع تحت سلطان تأثیرها ونفوذها الواسع، فكون التذوق الجمالي یخفف من إیقاع المادیة على النفس الإنسانیة، ویفتح لها مجالا خصبا للتعبیر عن شعورها وإحساسها، فإنه مع ذلك حاجة فطریة ضروریة على وجه العموم، والإنسان یستشعر الجمال بلذة و رضى حتى و إن لم یكن مالكا له؛ لأن القلوب مطبوعة على حب الصور الحسنه المتقنة، ومازال الإنسان یبذل غالب جهده العلمي وقدراته المتفوقة في التحسین والإبداع الجمالي .

أما التربیة الجمالیة فتحظى باهتمام كبير في الأوساط التربویة؛ إذ أصبحت مطلبا أساسيا في البرامج والمناهج التعلیمیة؛ نظرا لأهمیتها البالغة في النمو المتكامل للشخصیة بمختلف جوانبها المعرفية والعقلیة والجسدیة والانفعالیة...، لأن هذا النوع من التربية يعد العامل الأكثر تأثیرا في صقل التذوق الجمالي الموجود عند كل فرد، والذي یملك القابلیة التامة للنمو والتدریب والتهذیب؛ لذلك یمكن البدایة مع الطفل منذ مراحله العمریة الأولى، فرعایة النشء لتذوق الجمال، أو العیش في كنفه وخلق ظروفه بالوسائل الجمالیة الطبیعیة والفنیة یجب التخطیط لها وإدراجها في سلم أولویات تعاملنا مع الأطفال.

إن الحاجة إلى التربية الجمالية بالمدرسة تمليها عدة اعتبارات، أولا، هذه التربية تستهدف الشخصية في أبعادها المتنوعة لتنمي لديها الإحساس بالجمال، والقدرة على إعمال الخيال والنزوع المستمر نحو الإبداع والابتكار. ثانيا، أنها تتعلق بعمليات الإبداع والتذوق الفني، والتي ترتبط بدورها بعمليات الإدراك والتصور، والتفكير والتصرف لدى الإنسان عامة والطفل خاصة. إنها تربية تتعلق بصميم الإنسان. ثالثا، أن التربية الجمالية مشروع شامل ومتكامل، تصب فيه التربية على المسرح، والتربية الموسيقية، والتربية التشكيلية، والتربية السينمائية...، وكلها روافد تتقاطع في مقصد أساسي هو تنمية الشخصية وصقل مواهبها بكل مكوناتها. فما التربية الجمالية؟ وما هي روافدها وأسسها؟ وأين تتجلى الحاجة لهذه التربية؟

1.حول التربية كظاهرة، والمدرسة كمؤسسة

التربية وجدت مع وجود الحياة الإنسانية، و هي ظاهرة اجتماعية عرفها الإنسان منذ أن وطئت قدماه الأرض، منذ طفولته، كما أنها كانت موضوع اهتمام الأديان عبر العصور والأزمنة، وهذا يدل على دورها الفاعل والهام في تطوير الأمم وتقدمها. وقد عرفت هذه الظاهرة تطورات نوعية وكيفية عميقة جنبا إلى جنب مع التحولات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية...، إلى أن أصبحت علما بل علوما متعددة ومتنوعة، وكذلك من بين التخصصات التي تدرس في الجامعات والمعاهد العامة والخاصة. لذلك، علاقة الطفل بالتربية علاقة تاريخية قديمة قدم الوجود الإنساني، هذه العلاقة لا يجب أن ننظر إليها دائما من المنظور البيداغوجي والاستراتيجيات المفاهيمية التعليمية فقط، بل يجب أن تدرس وتؤخذ بعين الاعتبار من خلال كل ما يتعلق بالمؤسسات التي تؤثر من بعيد أو قريب على تنشئة الطفل.

وبشكل عام يمكن القول أن التربية تنشئة اجتماعية تهدف إلى تزويد الفرد بخبرات معينة على مستوى الوظائف٬ من خلال ضبط سلوكه وإشباع حاجاته ومساعدته على تمثل ثقافة المجتمع ومعاييره، ومن ثم إكسابه معرفة بأدواره ومراكزه الاجتماعية المتوقعة منه، بناء على القيم والاتجاهات والرموز وأنماط السلوك والعناصر الثقافية الخاصة بالجماعة، بالإضافة إلى خبرات على مستوى التغيير الاجتماعي المرجو الوصول إليها في مجتمع معين، من خلال مراقبة الاتجاهات والنزعات والظواهر سواء القديمة أو المستجدة في هذا المجتمع، من أجل العمل على تفنيدها وتقويمها للمحافظة على ما هو نافع ونبذ ما هو ضار، والإتيان بأفكار مبتكرة وفق حاجات المجتمع والإنسانية. وتحقيق هذه المرامي يتطلب تنويع مداخل التربية بالمؤسسات التعليمية، فلا يكفي التركيز على الجوانب المعرفية لوحدها بقدر ما يجب اعتماد آليات إعمال الفكر وفعل التفكير، وذلك يحتاج إلى إثارة الدافعية نحوى التعلم في مجالات وموضوعات مختلفة ومتكاملة في نفس الآن.

أما المدرسة فهي مؤسسة اجتماعية فعالة، لها أدوار جد مهمة ووزن تاريخي متأصل من خلال عمليات الضبط الاجتماعي عبر التربية والتكوين، ʺومن خلال وظائفها التي تلامس مختلف جوانب الإنسان لتأهيله وجعله ذلك الكائن الذي يعرف ذاته أولا، ثم يكتشف الأخر ثانيا. و إذا ما نظرنا إلى هذه الوظائف نجدها متعددة، نظرا لتعدد أغراض وأهداف الإنسان٬ فمنها ما هو تربوي وتعليمي ثم إداري، اجتماعي وأمني، تكويني، ومنها ما هو إيديولوجي، إرشادي وتوجيهي، ثقافي إشعاعي، تواصلي، اقتصادي... وبذلك تؤثر على سلوك الأفراد تأثيرا منظماʺ[1]. والمدرسة من حيث هي كذلك، تنصب وظيفتها الرئيسية على سلوك الناشئة، ويقاس مدى تحقيقها لوظيفتها بمدى التغيير الذي تنجح في تحقيقه في سلوك أبناءها، ومن ثم كان ضروريا أن ينظر إليها نظرة شمولية كنظرتنا نحو المجتمع برمته، وأن تكون في مقدمة كل سياسة إصلاحية، وأن ينظر إليها كمرجعية لكل تغيير أو تغير قد تعرفه باقي القطاعات والجوانب الأخرى لحياة الفرد.

وبشكل عام يمكن القول بأن المدرسة هي المؤسسة التي بفضلها يكتشف الفرد ذاته ومجتمعه وعبرها يتم الخروج إليه بكفاءات وإمكانيات لمواجهة كل الصعاب والمشاكل التي يمكن أن تواجهه، لتحقيق عملية الاندماج الاجتماعي. فلا يمكن الحديث عن مدرسة النجاح في المستقبل٬ ما لم يتم استحضار التطور الحاصل في أدوار ووظائف وآليات اشتغال هذه المؤسسة٬ من خلال التعرف على سيرورة التحولات التي عرفتها وظائف وأدوار هذه المؤسسة في الماضي والحاضر. ففي الوقت الراهن تحولت هذه الوظائف من التلقين والحشو بالمعارف٬ إلى وظائف أكثر حيوية وتنوعا ودينامية٬ تتجه صوب إيجاد حلول لتحديات إكساب التلميذ مناهج وتقنيات تحصيل المعرفة والبحث٬ وتعزيز قدراته ومهاراته الحياتية٬ وتوسيع خبراته٬ إضافة إلى سعيها لتطوير جاهزيته للشغل، وتحقيق الذات والعيش المشترك مع الأفراد داخل نفس المجتمع٬ من أجل القدرة على مواجهة الصعاب والمشكلات التي يمكن أن يواجهها في ممارسته اليومية سواء داخل المدرسة أو خارجها.


وفي هذا السياق، تبرز الأهمية البالغة للمدخلات الفنية بمختلف أشكالها وأنواعها في البرامج والمناهج الدراسية، فالمسرح والموسيقى والرسم والتشكيل والسينما و غيرها من الفنون، لعبت أدوارا طلائعية عبر التاريخ، في محاولة جادة لاكتشاف المواهب وصقلها، كذلك على مستوى إعمال آليات التفكير واتساع أفق الذاكرة، وهو كذلك من باب التنوع والتعدد الذي يمكن أن يفسح المجال أمام الفوارق في صفوف المتعلمين، من أجل اكتشاف الخصائص النمائية لكل تلميذ ومساعدته على تحقيق فعل التعلم.

2.الجمال ومرجعياته

الجمال أحد الأسس الثلاثة التي قامت عليها منظومة القيم الخالدة؛ وهي الحق والخير والجمال، والإنسان دائما يسعى بفطرته إلى إشباع رغبته في التذوق الجمالي في كل شيء، فهو دائم البحث عن الجميل، وإذا وجده انتقل إلى ما هو أجمل منه في سلم الجمال، وليس للأمر حدود. فالإنسان دائما يحرص على أن يرى الأشياء الجميلة، ويسمع الأصوات الجميلة، ويلمس كل جميل ويحسه ويتذوقه، كما يحاول أن يظهر بالمظهر الجميل، لهذا يقف أمام المرآة زمنا طويلا يصلح من شعره، ويتأمل وجهه وهندامه، كما يبحث عن الجمال في السكن والأكل والشرب، حيث يزين بيته، ويتفنن في عرض طعامه وشرابه. نستطيع أن نقول إن الإنسان يميل بطبعه إلى الجمال.

والجمالية، كاتجاه فلسفي، لم تنشأ نتيجة اتفاق معين، أو إجماع محدد، و إنما جاءت نتيجة مسار طويل وتراكمات عديدة، من خلال محطات تاريخية غنية، وفي كل محطة تتولد و تنضج أفكار وقناعات معينة لدى الباحثين والمفكرين والفلاسفة على وجه الخصوص، لها علاقة بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، والتي تدخل بشكل مباشر في بناء الفن و العمل الفني و تمظهراته الجمالية.


إن الحديث عن الجمالية يدفعنا أولا إلى الحديث عن الفن، على اعتبار أن الجمالية تستمد جذورها التاريخية من سيرورة الفن والعمل الفني، ذلك لأن الجمالية بقيت في الغالب متكتمة حيال الفن الذي هو في طور التشكيل، ومتحفظة أمام الأعمال الجديدة، ميالة في الغالب إلى الاهتمام بالأعمال الإبداعية الفنية المعترف بها، بوصفها من الأعمال الخالدة، بدل أن تتحدث عن قيمة الأشياء الجديدة،... يعود هذا الحذر، واقعا، إلى بدايات الجمالية الفلسفية″[2]. وفي هذا الإطار نجد أن رواد الفلسفة الإغريقية ومن بينهم أفلاطون الذي نظر إلى الجمال من زاويتين: ʺجمال مادي وآخر مثالي، واعتبر أن الشكل، وليس المضمون، هو الذي يجعل العمل الفني جميلا. وذهب أرسطو إلى أن الجمال ما قام على الانسجام والتآلف والوضوح والكلية. وغير بعيد عن هذا المفهوم رأى أغسطين أن الجمال يقوم على وحدة المختلفات وعلى التناسب العددي والانسجام بين الأشياء"، وفي الاتجاه نفسه ذهب الفيتاغوريون إلى أن الجمال يقوم على النظام والتماثل وعلى الانسجامʺ[3].

وبخصوص الفلسفة العربية الإسلامية، جاءت مجموعة من المحاولات النقدية حول أنواع وأشكال فنية مختلفة، حيث ʺتحدث ابن سينا في كتابيه "الإشارات" و"الشفاء" عن الجمال حينما توقف أمام كيفية مزج الألوان من أجل جلب العين وإغرائها وجعلها تهيم في متاهات التلذذ والاستلذاذ. وعلى ذكر اللذة والاستلذاذ، ربط الرازي في كتاب له بنفس العنوان بين اللذة والجمال. وكذلك فعل أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين"، حيث ميز بين الرقص الذي يستلذ ويستجمل، والرقص الذي يستلذ ولا يستجمل. وفي نفس الإطار، يندرج كتاب الموسيقى الكبير لأبي نصر الفارابي ورسالة الكندي في الموسيقى، و"الرؤيا" للثعالبي الذي يبحث فيه عن كيفية التقاط العين للصورة"[4].

وكان لزاما على الفن والفنان انتظار عصر النهضة، وهو العصر الذهبي والفتح العظيم على الإنسانية جمعاء في جميع مناحي الحياة. ففي هذا العصر تعددت الفنون وتشعبت وأصبحت للفنان قيمة اعتبارية اجتماعية، حيث أصبح التركيز ليس على الطلبيات الفنية وكثرتها بقدر ما التركيز على كفاءة ومهارة الفنان الإبداعية، ومدى قدرته على إنتاج عمل فني بشكل جمالي. وقد بلغ الفن في هذا العصر ذروته مقارنة مع ما كان عليه من قبل، فقد ″سادت نظرية المحاكاة والتفكير الجمالي والنقدي، خلال عصر النهضة، بفضل التأثير الذي أحدثه كتاب ʺالشعرʺ عندما ترجم عن اليونانية عام 1498م، وكشف فيه أرسطو عن وظيفة الفن، على اعتبار أنه تقليد للطبيعة في تسامي، فليست مهمة الفنان، ومن هذا المنطلق، تقف عند حد نقل المظهر الحسي للأشياء، والموضوعات كما هي عليه في الواقع، بل يتعدى ذلك ليصل إلى خلق صورة أو نموذج يخضع للقوانين الطبيعية″.[5] و نظر كانط للجمال على أنه رمز للخير، واعتبر النشاط الجمالي نوعا من اللعب الحر بالخيال بعيدا عن سلطة العقل والمنطق، كما ذهب هيجل إلى أن الجمال هو اتحاد الفكرة بمظهرها الحسي سواء كان في الفن أو في الطبيعة. وذهب شوبنهاور إلى أن الجمال يحرر العقل، ويسمو بنا إلى لحظة تعلو على قيود الرغبة وتتجاوز حدود الإشباع.


أما ظهور الجماليةAesthetica ، فقد ارتبط في القرن الثامن عشر، بإصدار كتاب ″اليكسندر بومغارتن˝ بعنوان ″الجمالية″ عام  1750م، الذي حاول من خلاله وضع أسس علم الجمال كعلم جديد، عين له موضوعا داخل مجموعة العلوم الفلسفية، في تجاوز لما كان يعرف من قبل بفلسفة الفن أو فلسفة الجمال، وقد ″أصبح هدف هذا العلم محاولة وصف وفهم وتفسير الظواهر الجمالية والخبرة الجمالية″[6]. توصل بومغارتن بواسطة الفكر، إلى أن هناك نوعا خاصا من النظام والإتقان لا يخضع بشكل كلي للإدراك العقلي. فإذا كان العقل يدرك ويفسر الموجودات تفسيرا منطقيا ومجردا، فهناك في المقابل ظواهر أخرى مؤثرة في النفس البشرية يصعب تفسيرها، لكنها، مع ذلك، تستحق اهتمام وتقدير الفلاسفة. ʺفإدراك الجمال يعتمد على الأحاسيس الفردية والذاتية التي يصعب أن نصوغ حولها أحكاما عامة ومتفق عليها، لكنها مع ذلك تستحق أن تتم دراستها في فرع أو تخصص فلسفي، ”علم” يهتم بدراسة الطرائق التي نرتبط بها بالواقع بواسطة الحواس على غرار ارتباطنا به منطقيا من خلال العقلʺ[7].

مما سبق، يتضح أن مفهوم الجمال متعدد ومتشعب ولا يمكن تحديده ببساطة، لأنه مرتبط بتعدد المرجعيات الفكرية والنقدية. لذلك، الإجابة عن السؤال: ما الجمالية؟، صعبة ومعقدة لتداخل التعاريف وتعددها وتشعبها. وعلم الجمال الحديث، كما نعرفه اليوم، إن أمكن أن نتتبعه بدءا من القرن الثامن عشر عندما ابتكرت هذه الكلمة لأول مرة من خلال الفيلسوف بومغارتن. ومن حيث فقه اللغة فإن الجماليات كانت تعني دراسة الإدراك الحسي، لكن ولع بومغارتن بالشعر خاصة والفنون عامة جعله يعيد تعريف حدود هذا الموضوع على أنه: ʺنظرية الفنون العملية أو علم المعرفة الحسية[8]ʺ.

إن الجمال عبارة عن إحساسات وتجارب وخبرات مستلهمة من البيئة: من الطبيعة ومن المجتمع. يتمثلها ذهن الفنان، فتصير في مرحلة أولى فكرا ذاتيا صرفا، ينقل في مرحلة موالية إلى الآخرين للتأثير فيهم، بحيث يستطيع المتلقي أن يتفاعل ويتجاوب معه عبر وسائط فنية معروفة لدى الناس مثل الصورة الفنية واللوحة التشكيلية والموسيقى وما إلى ذلك... الجمال إذن، شعور بالابتهاج والسرور والمتعة النفسية، يشعر به الإنسان وهو يرى أثرا فنيا جميلا. وبهذا المعنى يعتبر الجمال هو ذلك الذي عند رؤيته يسر ويبهج ويجذب المتلقي.


3.التربية على المسرح

المسرح فن من الفنون المتجذرة في التاريخ، بل يعتبر أبا لكل الفنون، وهو شكل من أشكال التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والانفعالات، عن طريق تقنيتي الكلام والحركة، بالاعتماد على مجموعة من الوسائط المساعدة كالملابس والإضاءة والموسيقى وغيرها. وقد لعب المسرح على مر التاريخ أدوار طلائعية في التثقيف والتربية والتكوين، وكذا التطور والتقدم الذي عرفه العالم، إذ حاول أن يكون وسيطا مساهما في تغيير العديد من الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وما يميزه هو أنه مرتبط دائما بقضايا المجتمع وإشكالاته الكبرى، وكونه في حوار دائم مع الجمهور.

الحديث عن أدوار ووظائف المسرح يعيدنا إلى قراءة عامة لأبعاده الثقافية والمعرفية والجمالية التي أفرزها الفن المسرحي والذي عرفته مجمل الشعوب والثقافات الإنسانية. فقيمته الكبرى نابعة من جرأته في تناول موضوعاته وأشكال وآليات اشتغاله ورسائله القوية والمؤثرة، إذ كان التشخيص في البدء طقوسا مقدسة يقدمها ويقوم بها الإنسان تقربا واحتفالا بالآلهة خاصة عند اليونان. هذا الاعتبار يجعلنا نقر بدوه الروحي بالإضافة إلى دوره المعرفي والثقافي والجمالي وغيرها من الأدوار، حيث تطورت أدواره وعلاقته بالمتلقي، فأصبح النص المقدس نصا إنسانيا اجتماعيا يعالج مشاكل الإنسان يعالج مشاكل الإنسان وهمومه في واقعه المعيش.

ومن هذا المنطلق، نستحضر أهمية المسرح الأدبية حيث أصبح النص المسرحي غرضا من الأغراض الأدبية المدروسة، وبهذا أصبحت أنواعه تستمد مشروعيتها وقيمتها من طبيعة النص الموجه إلى المتلقي. في البداية كان النص موجه لعامة الناس بجميع شرائحهم الاجتماعية والعمرية، ثم انتقل ليختص بشرائح معينة، وهذا نابع من تعدد المدارس والاتجاهات التي تولدت نتيجة البحث المستمر في أبعاده النفسية والثقافية والاجتماعية والسياسية، كذلك نتيجة التطور الذي يعرفه المجتمع في علاقاته مع حاجات ومتطلبات الإنسان. وبهذا يمكننا الحديث عن المسرح التربوي الذي أفرزته الممارسة الموجهة إلى فئة متعلمة وهي شريحة الطفل.


عندما نتحدث عن الطفل فإننا نستحضر متلقيا له بعده المعرفي في التلقين وفي معرفة الأشياء المشخصة والتي لا يمكن أن تكون إلا على مقاسه العمري والمعرفي، والأمر هنا يتعلق بالخصوصيات النمائية للطفولة، لذلك على الكاتب المبدع في مسرح الطفل تحديد لغة خاصة بالمسرح في كل أبعاده ولغاته الفنية. فلا يمكن أن نقدم مسرحا يتضمن مفاهيم ميتافيزيقية فلسفية تتطلب مرجعية فكرية عند الطفل، كذلك شرط اللغة المسرحية هو الآخر يجب أن يحترم لغة المتلقي ومعجمه الفكري والاجتماعي والتربوي.

إذن، فالمسرح التربوي يفترض توفير عوامل أساسية في إبداع النص، وكذا على مستوى التقديم، وعلى مستوى التعامل مع ملحقات العمل ككل. وفي هذا الإطار، نستحضر شروط دراما الطفل، انطلاقا من المحاكاة حتى يتمكن من التمييز والفرز، فرز الأشياء الملموسة والمسموعة والمشاهدة.

üالمسرح المدرسي: الحضور والغياب

يمتاز المسرح عن باقي الفنون الأخرى بكونه الفن الجامع لكل الفنون من تشكيل وموسيقى وسينما وهندسة ونحت وغيرها، فهل يمكن أن نتحدث عن المسرح المدرسي أم المسرح في المدرسة؟

إذا حاولنا أن نتطرق للممارسة المسرحية داخل المؤسسات التعليمية سنجد أنها موسمية تتم في الأعياد الوطنية، إضافة إلى بعض المبادرات المحتشمة من طرف الأساتذة المهتمين، بالرغم من أن هناك إمكانية لبلورة ذلك من داخل الأندية التربوية، لكن تبقى المبادرة محاطة ببعض الالتباسات، لأن الأستاذ ملزم بتخصيص وقت لذلك خارج وقت عمله، وهذا ما لا يتحقق في غالب الأحيان. وبالرغم من ذلك هي ممارسة تفتقد إلى المهنية والتخصص لأنها تتم وفق اجتهاد شخصي.


وللمسرح المدرسي تقسيمات وتسميات متداولة لعل أبرزها:

أ‌- المسرح التعليمي: وسيط تعليمي لتقريب محتويات البرامج الدراسية إلى التلميذ بطريقة مسرحية. أي ما يتداول تحت اسم "مسرحة الدروس". حيث يقوم التلاميذ بتمثيل مقاطع مسرحية منتقاة أو مكتوبة من طرف المدرس تسير ومحتوى الدرس. من خلالها يتم تركيز المعلومات وحفظها عن طريق أدائها في قوالب مسرحية، حيث يبقى العرض أفضل وسيلة من أجل استيعاب ما يقدم. وبهذا المعنى يأخذ المسرح في المدرسة المعنى التعليمي المحض.

ب‌- المسرح التربوي: نشاط أو مجموعة من الأنشطة، تهدف المدرسة من خلالها إلى إكساب المتعلمين مجموعة من القيم، من قبيل ترسيخ القيم الأخلاقية والوطنية والدينية... وغيرها مما يساعدها على أداء وظيفتها كمؤسسة للتنشئة الاجتماعية. هذه الأنشطة التربوية أوسع من نظيرتها التعليمية، إذ أنه يتطلب نصوصا مسرحية بما تحمل الكلمة من معنى وكذا فضاء مناسبا لمزاولته، كما يحتاج إلى خبرة وتجربة وتمارين متكررة قبل عرضه.

ت‌- المسرح التلقائي: كما يدل عليه اسمه، فإنه نشاط لا يعتمد على نص مهيإ مسبقا، كما أنه لا يحتاج لقاعة مجهزة أو جمهور، بل هو تمثيل لأدوار بطريقة تلقائية انطلاقا من وضعية تعليمية محددة، يعبر الطفل من خلالها عن ذاته بذاته. ويقتصر دور المدرس هنا على التوجيه والإرشاد وتجويد المواقف.

ث‌- مسرح العرائس: الطفل يتفاعل أكثر مع هذا النوع لأنه يوظف أشخاصا خيالية تسبح بالطفل في عالم جديد مختلف عن واقعه، الشيء الذي يشد انتباهه. ففي هذا المسرح تنطق الحيوانات وتتحرك الجمادات وفق قصص أسطورية إيهامية. مسرح العرائس باعتماده على تحريك الدمى يتيح للطفل التعبير عن كل المواقف في جو تعليمي، ترفيهي وتربوي. كما أن الدور المزدوج للطفل الذي يحرك الدمية ويتقمص الدور المنوط بها ويعبر نيابة عنها يتطلب منه مجهودات مركبة.

ج‌- مسرح خيال الظل: يعتمد على تسليط الأشعة الضوئية على الأشخاص الذين يتحركون خلف ستار. الجمهور لا يشاهد سوى ظلالهم. ومن هنا جاءت التسمية.

يجب أن ندرك تماما الأهمية التربوية للمسرح، بكونه آلية ووسيلة في نفس الآن، قادر على إكساب المتعلمين الكفايات والقدرات والمهارات والإمكانات نصا وعرضا، القادرة على تأهيل شخصيته في جوانبها المعرفية والانفعالية والسلوكية-الحركية، إذ من خلاله يمكن تقديم مجموعة من القيم والمبادئ التي تسعى المدرسة المغربية تحقيقها، والمنصوص عليها في المنهاج الدراسي المغربي، مثل قيم العقيدة الإسلامية، والقيم الكونية وغيرها. إذ أنه من الممكن مسرحة بعض النصوص البسيطة في التعبير والقراءة باللغتين العربية والفرنسية بما يضمن تكامل وتداخل المواد بعضها ببعض.

كما أن المسرح، خاصة أثناء العرض، يتميز بأدواره اللعبية، واللعب أساس تنمية مختلف جوانب شخصيات الأطفال، الحسية الحركية والعقلية والوجدانية واللغوية والاجتماعية... فهو يؤهلهم لاكتساب القدرة على احترام النظام وقوانين الجماعة، كما يدفعهم إلى تبني قيم التعاون والتضامن وضبط النفس والصبر واحترام الآخر...، وقد تعددت التفسيرات التي أعطيت للعب الأطفال بتعدد النظريات والمدارس السيكولوجية التي اهتمت بهذه الممارسة.

إن غياب المسرح بالمؤسسات التعليمية يدفعنا إلى استحضار المدرسة المغربية التي لا تتوفر على الفضاءات الفنية الضرورية، ولا على أساتذة متخصصين في المسرح واتجاهاته النظرية والتطبيقية لإشباع رغبات ومعارف المتعلم في المسرح، كذلك غياب رؤية وتصور في المنهاج الدراسي لتحقيق الفعل المسرحي داخل المؤسسات التعليمية. وبهذا لا يمكن أن نتصور عالم الطفل من خارج ذاك الطفل، ولا يمكن أن نرسم بيده ولسانه لوحة تروقنا، ولا يمكن أن نعزف له بعيدا عن ذوقه. فالتربية الجمالية التي يمنحها المسرح أكثر رسوخا من أي عامل آخر، إنه هو المبدع الوحيد للونها وبعدها وخيالها وطبيعتها الفنية، لأنه يستدمج مختلف اللغات التعبيرية السمعية والبصرية والحركية.


إن التربية على المسرح من أهم دعائم تحقيق التربية الشاملة بالمؤسسة التعليمية. لأن المسرح وسيط قابل لاستدماج كل أشكال وأنواع التعبيرات البصرية والحسية والحركية، يستوجب تحويل نص مكتوب إلى عرض مسرحي يستهدف تحقيق الفرجة بما تحمل من الأبعاد التعليمية-التعلمية والتربوية، والمتعة والتنشيط والترفيه...، لهذا وجب أن يكون المسرح مادة من المواد التعليمية بالمدارس الابتدائية خاصة، وأن تعطى له الأهمية البالغة إلى جانب المواد الأخرى، وليس بالشكل الذي يمارس به الآن كنشاط تكميلي فقط.

4.التربية الموسيقية

الحديث عن التربية الموسيقية لا يمكن أن يكون بمعزل عن التربية بمفهومها العام كبناء شامل ومتكامل، وضمنه عمليات إعداد الفرد في جوانب شخصيته العقلية والخلقية والجسدية والجمالية، لذلك لابد من استحضار جميع الوسائل التعبيرية التي تعتمدها هاته التربية بكل مكوناتها الجمالية.

لقد شكلت الموسيقى ظاهرة طبيعية وفطرية، عرفها الإنسان منذ عهوده الأولى، واتخذ منها وسيلة للتعبير عن حاجاته، ثم تطور استخدامه لهذه الوسيلة مع تطور ملكاته العقلية ومهاراته اليدوية، لتتحول من صورة بدائية للغناء إلى صورة فنية متطورة، تتضافر فيها عناصر الأداء الآلي والصوتي، لتغدو بفضل ما تمتلكه من وسائل مستحدثة للتعبير والتصوير، أقدر على ترجمة المواقف واستجلاء المشاعر و الأحاسيس. والطفل في حاجة إلى تطوير ميله للموسيقى وشغفه بالغناء، لما لهذه العملية من آثار إيجابية على تنمية ذكاءاته وسقل مواهبه. وهذا الأمر يعد مفتاحا للإدراك والاستيعاب والفهم والتحليل والتفسير في مواد أخرى، على اعتبار أن التنشيط والتحفيز عاملان أساسيان في تحقيق فعل التعليم والتعلم.

§ الحاجة إلى التربية الموسيقية

الموسيقى فن تعبيري جمالي يستميل النفس. والطفل أكثر الناس ميلا إليها وشغفا بها. إنها وسيلة لبناء الشخصية بأبعادها المختلفة، وهي بهذا المعنى، تساعد على ”تربية الذوق الموسيقي الجميل: أي التأهل الجمالي والفني للتمييز بين ضروب الألحان واستعداد النفس للتجاوب معها بكيفية فعالة، ثم القدرة على استيعاب الآثار الفنية وإدراك ما تعبر عنه من الانفعالات والمواقف، سواء أكانت هذه، جلية السمات أو خفية لا تترجمها الكلمات“[9]. إضافة إلى ذلك، تنمي الفضائل الخلقية، كالقدرة على التعاون الجماعي وإثبات الذات والمواجهة، والقدرة على الابتكار الذي يعد أسمى أهداف التربية الموسيقية.

إن الموسيقى مزيج من الأصوات المختلفة فيما بينها من حيث درجة الارتفاع، ومن حيث المدة الزمنية التي يستغرقها كل صوت، فعلاقة الأصوات مع بعضها من حيث درجة الارتفاع والانخفاض تشكل ما يسمى بعنصر النغم، كما أن علاقة هذه الأصوات مع بعضها من حيث المدة الزمنية الخاصة بكل صوت تشكل ما يسمى عنصر الإيقاع. فالموسيقى إذن تتألف من عنصرين أساسيين هما: النغم والإيقاع. وكثيرا ما نحتاج في تدريس التربية الموسيقية إلى فصل هذين العنصرين عن بعضهما فصلا مؤقتا بقصد تسهيل الدراسة الموسيقية والتغلب على بعض الصعوبات التي تصادفنا في تربية آذان الأطفال للتمييز بين الأصوات من حيث درجة الارتفاع، وفي تنمية الحس الإيقاعي للتمييز بين الأصوات من حيث مددها الزمنية.

ومن المعلوم أن الأطفال يميلون بغريزتهم إلى محاكاة الأصوات الموسيقية ومسايرة إيقاعاتها المختلفة. فهم يحبون الموسيقى ويتأثرون بها، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة أثناء استماع الأطفال إلى الموسيقى. فهم بالإضافة إلى إظهار العلامات المعبرة عن سرورهم وارتياحهم يعملون على مسايرة إيقاع اللحن الموسيقي بالتصفيق أو الحركات الإيقاعية أو الرقص، لا  بل  يذهبون إلى أبعد من ذلك فيحاولون محاكاة الموسيقى وتقليد أصواتها عن طريق الغناء أو التنغيم. وأكبر دليل على حب الأطفال للموسيقى تلك الألعاب الشعبية والحركات الإيقاعية التي يقوم بها الأطفال مصحوبة بالأغاني الإيقاعية البسيطة التي ينقلونها من البيئة التي يعيشون فيها بعد صياغتها بقالبهم الخاص، لا بل يذهب بعضهم إلى ابتكار بعض الألعاب والأغاني، فتراهم يختارون من المقاييس ولأوزان الموسيقية أبسطها ويصيغون الأغاني بألفاظ وعبارات موزونة، وباللهجة العامية (الدارجة) وقد تحتوي على بعض الألفاظ الخالية من المعنى ولكنها غنية بالإيقاع والقافية .

لذلك الحاجة ماسة لترسيخ مبادئ التربية الموسيقية لدى التلاميذ بالمؤسسات التعليمية. أولا بإدخال هذه المادة بجميع الأسلاك التعليمية وخاصة بالتعليم الابتدائي، لما لها من أهمية في سقل مواهب الأطفال وتحفيزهم وتشجيعهم على التعليم والتعلم. فالتعليم الموسيقي يسعى إلى تأهيل المتعلم كي يتلقى تكوينا تحظى فيه المواد الموسيقية بعناية خاصة، حتى يتمكن من تملك الكفايات والقدرات والمهارات الموسيقية الكافية تجعله قادرا على ولوج المراكز والمعاهد والكليات في تخصص التربية الموسيقية.


للموسيقى إذن، أهمية خاصة، لأنها تسعى إلى تربية الذوق الجميل، وتنمي ملكاته الإبداعية، وتبث فيه قيما إنسانية مثل الحب والخير والسلام والتعاون...، وباعتبارها لغة تواصل كونية، فإن إدراج مادة التربية الموسيقية في جميع الأسلاك التعليمية قد يكون على أساس ترسيخ ثقافة الحوار والتواصل وقبول الاختلاف والحب والوئام، وتأهيل النشء لتفجير مكنوناته الإبداعية والجمالية.

§ تربية الذوق الموسيقي الجميل

للبيئة دور أساسي وغير مباشر في بلورة الذوق الموسيقي لدى الفرد في المجتمع، فهو يسمع الموسيقى شاء أم أبى في كل مجالات حياته، في البيت، وفي الشارع، ووسائل المواصلات، وعن طريق وسائل الإعلام وغيرها. والتربية الموسيقية من أهم الوسائل التي تحقق التربية الجمالية، ولها تأثيرها الخاص على مواد التعليم، فهي تساهم في تحقيق النمو المتكامل للطفل والمراهق والراشد على حد سواء، لذلك لابد لنا من أن نوظف التربية الموسيقية في مسار تعريف الناشئة على تراثهم الموسيقي العربي، مع توجيه الإمكانات لاستغلال المصادر الموسيقية لهذا التراث منذ مرحلة رياض الأطفال وإطلاعهم على مميزات الموسيقى العربية عبر مناهج جديدة تتماشى مع أحدث الطرق المتبعة في تدريس المادة في كل مراحل التعليم، مع التركيز على الجوانب العملية والابتعاد عن النظريات المجردة التي لا تتماشى مع طبيعة المادة.

التربية الموسيقية لها أسس وضوابط وأدبيات لابد من احترامها وتوظيفها، ومن أهم مداخلها تربية الذوق الموسيقي، الذي يعني ”التأهل الجمالي والفني للتمييز بين ضروب الألحان، واستعداد النفس للتجاوب معها بكيفية فعالة، ثم القدرة على استيعاب الآثار الفنية وإدراك ما تعبر عنه من الانفعالات والمواقف، سواء كانت هذه جلية السمات، يمكن ترجمتها بالكلمات أم كانت خفية لا تترجمها الكلمات“[10]. فمن أجل أن يكون الفرد قادرا على التمييز، عليه أن يتوفر على خبرة فنية تبنى عبر المداومة المستمرة على سماع الآثار الموسيقية المتميزة. فالطفل الذي يداوم على سماع الموسيقى الأصيلة والمتميزة يساعده على تربية الحس الجمالي تجاه ما يسمع، وهذا المطلب ملقى على عاتق الأسرة والمدرسة وباقي المؤسسات الاجتماعية الأخرى كمؤسسة الإعلام والنوادي والجمعيات.


ومن الضروري أن ينفتح الأطفال على الآثار الموسيقية للشعوب الأخرى، وعدم التقيد بثقافتنا فحسب، من أجل تأهيلهم للانفتاح على ثقافة الأخر والتعرف على أشكاله التعبيرية في الموسيقى، وبذلك تكون الموسيقى قاطرة للحوار والتواصل وتجنب التعصب والانغلاق على الذات. فإن تنمية الذوق الموسيقي لدى الفرد واطلاعه على نشيب وافر من التراث الموسيقي الغربي، والعربي، والمغربي خاصة، لمن شأنه أن يطبع شخصيته بطابع فني جميل.

§ تنمية الملكة الموسيقية

يؤثر الغناء في سلوك الأطفال تأثيرا كبيرا، إذ يساعدهم على الجرأة في القول والشجاعة في المبادرة، كما ينظم حركاتهم بطريقة تشجعهم على المبادرة، ويحميهم من خلل التردد والتمرد. ومن هذا المنطلق ينبغي أن تنطلق عملية التربية الموسيقية من السنوات المبكرة من العمر. مما لا شك فيه أن تعويد الأطفال على سماع الموسيقى وفق قواعد وأسس علمية دقيقة من شأنه أن ينقي مشاعرهم ويهذب أحاسيسهم، والمساعدة على تنمية الملكة الموسيقية لديهم، وبالتالي فتح المجال أمام طاقات الإبداع الكامنة فيهم.

والتعود على الموسيقى منذ الطفولة هو إرضاء لميول الطفل الموسيقي والغنائي، لأن الطفل قلما ينقطع عن الترنم بما يسمع، أو ترجيع ما تختزنه ذاكرته، وهذا يدل على العلاقة المتينة التي تربطه بالموسيقى كما تربطه باللهو واللعب، وربما الغناء يكون ضربا من ضروب الألعاب التي يمارسها. فالأطفال يندفعون نحو الغناء بدوافه مختلفة، قد يترنمون بطريقة تلقائية لا شعورية، أو يقبلون على الإنشاد بعزم ورغبة، كما أنهم قد يدفعون إليه دفعا. فالطفل وهو منهمك في بناء حصن من حصى الرمل مثلا، وهو خلال عمله يتغنى، فغنائه إذن تلقائي لا إرادي. كما يمكن أن يكون منشغلا ومنهمكا في الرقص والترنح، فغناؤه اختياري جنح إليه بمحض إرادته لمصاحبة رقصه. وقد يكون أمام أستاذه الذي طالبه بأداء نشيد ما، وهو في هذه المرة يمارس الإنشاد بشكل اضطراري، لأنه تحت تأثير الإلزام.


ومن هذا المنطلق تبدو عملية التعليم صعبة وشاقة، تستدعي حنكة بيداغوجية متميزة، كما تقتضي أن يتسلح أساتذة الموسيقى بأطر نظرية معرفية ومنهجية متقدمة لمساعدة الأطفال أو التلاميذ على تملك القدرات والمهرات والكفايات اللازمة للإقبال على سماع الموسيقى، وعلى استيعاب معانيها ودلالاتها و أبعادها الظاهرة والمضمرة. وأن يكون الإيقاع الموسيقي حاضرا في كل الأنشطة والممارسات التي تنجز داخل القسم، في الشعر، في الألعاب الغنائية، وفي الأناشيد ...

إن وجود مادة التربية الموسيقية في جميع الأسلاك التعليمية من شأنه أن يساعد التلاميذ على سقل مواهبهم وتفجير طاقاتهم الإبداعية في جميع المواد الأخرى، على اعتبار أن التعلمات تكتسب بطريقة تكاملية وليست مجزأة. مادة تقوم على منهاج قويم يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الفردية للأطفال والتلاميذ، من حيث المحتوى و طريقة التدريس...، والأساتذة الأكفاء الذين لهم القدرة على تربية جيل ينعم بالحساسية تجاه الموسيقى.

5.التربية على قراءة الصورة

إن العصر الذي نعيشه هو عصر الصورة بامتياز، وهي تلعب دورا فاعلا في العملية التعليمية التعلمية، فإذا كانت المدرسة إلى حد الآن تعطي أهمية بالغة للعناصر التشكيلية اللغوية، فإن بإمكان الصورة أن ترفع من شأن الاستيعاب والإدراك والتحصيل....، باعتبارها وسيطا أصبح يفرض نفسه على المنظومة التعليمية أكثر من أي وقت مضى، لما لها من خصائص لا يمكن أن تلبيها اللغة اللفظية. فالصورة نص مرئي له مميزاته و تؤطره خلفيات معرفية ونفسية واجتماعية وتربوية وجمالية... يعبر عنها بعلامات لغوية وأيقونية. ولقراءتها واستكناه أبعادها الفكرية والجمالية يلزم التمكن من لغتها والإلمام بثقافتها. إن واقع الحال يؤكد أن برامجنا ومناهجنا التعليمية ما تزال بعيدة عن رفع التحدي واستيعاب تغيرات العصر التي أصبحت فيها الصورة من الوسائط الأكثر قوة على التأثير والفعل. فهي مثلا على مستوى الشعب الأدبية تؤهل التلميذ إلى أن يحلل نصا أدبيا مكتوبا، غير أنها لا تؤهله لأن يحلل نصا مرئيا. فالصورة عنده تظل مرتبطة بالفكرة والحكاية والمعنى الإجمالي، وليس بطبيعة الخطاب الذي يوصلها إليه.


يمكن الاستفادة من الصورة في التخطيط التربوي للمادة الدراسية، وفي تحقيق الكفايات المطلوبة منها وتنفيذها وتقويمها وتحديد مدى استيعاب التلاميذ لها، كما تسهم في الدفع بالتلميذ إلى تقبل المادة الدراسية، وتحفيزه للإقبال على الدرس والمشاركة في إنجاحه. إن المدرس بوصفه موجها، ومساعدا، ومنشطا، وقطبا رئيسيا في العملية التعليمية التعلمية يعتبر مسؤولا بالضرورة عن انتقاء الطرق الكفيلة التي تجعل الصورة تؤدي وظيفتها على أكمل وجه، فكلما كان الأستاذ على دراية بطرق اشتغال الصورة تربويا وعارفا بمكوناتها ودلالاتها السيميائية، كلما ساعد ذلك على الرفع من مقدور التلاميذ على استيعاب المادة الدراسية وتيسير التفاعل معها.

الصورة ليست وسيطا في التعليم والتعلم فحسب، ولكنها استراتيجية وطريقة في التفكير والتعقل والتنظيم والتحري، وليست مادة فضلة يمكن الاستفادة منها أو تركها، بل هي لازمة لزوم الاستيعاب للتعلم، وهي كفيلة بتجاوز التعلم اللفظي الذي يعتمد الحفظ والاستظهار في الغالب، ولا يتيح للتلميذ إعمال الفكر والتفكير والتعقل والتنظيم[11]. فالصورة تمنح الطفل فرصة للمقارنة واستخدام ذهنه في حل المشكلات، واستثمار كل العمليات المنطقية في التحصيل، كما تسهم في إبقاء الأثر التعلمي بعكس اللفظي، لأنها قادرة على التعبير في ظرف وجيز على ما تعجز الكلمة عن إيصاله.

إن مستويات دمج الطفل للمعلومات التي يستوعبها من خبراته السابقة مع المعلومات الواردة يرتبط بطبيعة الوسيلة التعليمية ذاتها، فكلما كانت الوسيلة أكثر ارتباطا بالإدراك الحسي وقوية، كلما كان تقبل المعلومات أفضل وأجود، والتخزين أقوى وأعمق. وفي هذا الإطار أثبت ʺدوشاستل Duchastalʺ أن ʺالتعلم من خلال الصورة يساعد على الاحتفاظ بالمعلومات لمدة أطول منه من خلال التعلم اللفظي الذي لا يبقي على المعلومات إلا لمدة أقصر. وتشحذ الصورة أذهان الأطفال على تقبل المادة الدراسية، وتجعلهم أكثر استعدادا للتعلم، وتزيد من التشويق والإثارة، وتدفع الطلاب إلى تقبل المادة الدراسية والإقبال عليهاʺ[12].

 

مادامت الصورة تعتمد ابتداء على الحس المشترك، أي أنها تستجمع كل المدارك الحسية، فإن تأثيرها سيكون أخطر من تأثير الوسائل التعليمية الأخرى التي تعتمد حاسة متفردة ضمن المدارك الخمس، لأنه كلما تم استثمار مدخلات إدراكية متعددة في العملية التعليمية التعلمية، كلما كان ذلك أجدر وأقوى. فالوسائل المرئية تتعدد بتعدد الاهتمام بدورها التربوي في العملية التعليمية التعلمية، فمنها الصورة الفوتوغرافية، والصورة المتحركة والثابتة، والأفلام، والشرائح بمختلف أشكالها، والرسوم البيانية والتوضيحية، والرسوم المتحركة، والحكايات المصورة، والعينات والنماذج والخرائط، والاستعمال البصري للسبورة، واللوحات الوبرية، والمجلات الحائطية وغيرها.

غير أن أهمية الصورة تكمن بالأساس عند وضعها ضمن المثلث الديداكتيكي(المدرس والمتعلم ومحتوى المادة الدراسية)، إذ لابد من الأخذ بعين الاعتبار قدرة المدرس على استيعاب هذا الدور، ثم الكفايات السيميائية التي تشتغل فيها الصورة بيداغوجيا، والمتعلم من حيث قبوله لهذا الوسيط ومدى تمثله له، ومدى قدرة الصورة على تلبية حاجاته التربوية والتعليمية. أما من حيث المحتوى فإن الصورة تختلف بحسبها وبحسب محاورها والمعايير اللازم توفرها في تحقيق الكفايات المطلوبة، إذ باستطاعة المدرس أن يتغلب بواسطتها على الصعوبات التي تعترض عملية التعلم، فالتلميذ الذي سيستعصي عليه فهم مفهوم التربة في النشاط العلمي يمكنه أن يدركها باعتماد الصورة.

إن الصورة تلبي حاجات التلميذ في التعلم والتدقيق والتحصيل والبناء وإعمال فكره المنطقي في التعامل معها، كما تشعره بأهمية ما يشاهده ويعاينه، وتدفعه إلى التعرف أكثر إلى الأشياء التي يشاهدها، وتجعل العملية التربوية متوازية بين المدرس والمتعلم يشتغلان في آن واحد، إذ بواسطتها سنتمكن من تجاوز معضلة التدريس العمودي الذي يرى في المتعلم صفحة بيضاء، إذ يقوم هذا التعليم التقليدي على الإلقاء والاستظهار، فالصورة بعكس ذلك تجعل المتعلم مشاركا ومحاولا ونشيطا.

6.التربية التشكيلية

التربية التشكيلية مادة تربوية تعمل على تأهيل شخصية المتعلم في جميع جوانبها المعرفية والانفعالية والسيكوحركية، وتساعده على التفتح والاندماج في الحياة اليومية والبيئة الخارجية. وهي شكل تعبيري توظف الخطوط والألوان والأشكال والمجسمات و الزخرفة والأحجام والرموز... بشكل يعمل على تنمية مخيلة المتعلم الإبداعية وتربية الذوق الفني والحس الجمالي.


 وبهذا، وجب الاهتمام بهذه المادة وفق رؤية متكاملة توزع عبرها الوحدات الفنية بين مختلف الأسلاك التعليمية أخذا بعين الاعتبار خصوصية كل سلك من جهة، ومبدأ التدرج من جهة أخرى، والخصوصيات النمائية للمتعلمين من جهة ثالثة. وذلك بدأ بتدريس إواليات الفن التشكيلي، مرورا بالمرجعيات النظرية والجمالية، وانتهاء بتقديم نماذج من اتجاهات ومدارس هذا الفن التشكيلي. وبالنظر إلى واقع حال تدريس هذه المادة، نجد أن ناشئتنا لم تتملك بعد لغة تشكيلية، ترسم بخا اللوحات، وتقرأ بها الألوان والأشكال والمسافات والأحجام والرموز.

إن أهم ما يميز التعبير التشكيلي أنه مجال واسع يستعمل من خلاله المتعلم جميع التقنيات الممكنة والتعامل معها بشتى المواد والأدوات التعبيرية المختلفة والمتنوعة، والتي تسمح له بإبراز أفكاره وشعوره وانفعالاته تجاه موضوع معين أو تجربة معينة. هذا التعبير يشكل أرضية يوظف فيها المتعلمون جميع مكتسباتهم المعرفية السابقة التي استوعبوها في المواد الأخرى، وتحديدا رسم الملاحظة، والزخرفة والتلوين، والتواصل، والتي تسمح لهم بتشخيص وتقويم عطاءاتهم وتزويدهم بكل ما من شأنه أن يساعدهم على التعبير تشكيليا مع إبراز مواهبهم.

أما التعبير، بهذا المعنى، يعتبر ”نشاطا تربويا أساسه نقل أفكار أو مشاعر أو مواقف بوسائل معينة قد تكون هي الجسم أو اللون أو اللغة، وهو نشاط متصل بالإبداعية والابتكار يكون أصيلا وفرديا“[13]، فهو عمل نقل لأنه يقوم على التواصل بين مرسل ومتلق، وموضوعه توليد الأفكار الجديدة في مجال المعارف، والمشاعر والمواقف، ووسائله هي الجسد والحركة كما هو الحال في التعبير الجسدي كالرقص، واللون والشكل والحجم كما هو الأمر في التعبير التشكيلي، والكلمة كما هو الشأن في التعبير الأدبي. أما الإبداعية هي كل إنتاج ابتكاري يخضع لشروط الأصالة ويحترم الضوابط الإبداعية المتعارف عليا، ويؤدي رسالة معينة تساعد على بناء سلوكيات إيجابية، أخذا بعين الاعتبار خصوصيات الفئات المستهدفة.


ففي التعبير التشكيلي يتمكن المتعلم من توظيف كل المكتسبات السابقة من تعلمات وتمثلات وترسبات،...، حيث يحاول تحويل صورة ذهنية إلى نص مجسد عبر الألوان والأشكال والأحجام والزخرفة وغيرها، حيث يدخل المتعلم في حوار موسع مع كل هذه الوسائل، من خلال عمليات الانتقاء والتوظيف والتناسق والترابط، من أجل خلق وحدة فنية متكاملة تترابط فيها الأجزاء فيما بينها لتشكل صورة تشكيلية معبرة ذات معنى ودلالة. وتهدف التربية التشكيلية إلى تحقيق جملة من الأهداف العامة، يمكن تلخيصها فيما يلي:

üتنمية الذوق الفني والحس الجمالي

üاندماج المتعلم في البيئة والحياة الاجتماعية

üصقل مواهب المتعلمين وتفجير طاقاتهم الإبداعية

üإكساب المتعلم أبجديات اللغة التشكيلية لتشجيعه على الإبداع

üتمكين المتعلم من أساليب المخاطبة والتحليل البصري

إذا كانت الثقافة التشكيلية مصدرا للشرح والفهم، فإن أهميتها ضمن مجموع عناصر الدرس في مادة التربية التشكيلية لها وظيفة مزدوجة، وظيفة سيكولوجية ترتبط بالشعور والارتياح وتوليد الرغبة وخلق القابلية....، وأخرى بيداغوجية معرفية تتمثل في وضع المتعلم في علاقة مباشرة مع محتوى الدرس، إضافة إلى الوصف والشرح البصري، ونقل المعلومات بكيفية بسيطة.....هما مستويين يتفعلان باستمرار ويمنحان الثقافة التشكيلية قيمة متميزة.

خاتمة

التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية تستمد قوتها ومشروعيتها من الضرورة الملحة اليوم لإدخال الفن وطرقه وأشكاله في التربية، باعتباره شكلا من أشكال التعبير بالأحاسيس والمشاعر، كذلك لأنه يساعد على تفجير الطاقات الكامنة في شخصية التلاميذ، بل وصقلها وتعديلها في الآن نفسه، هذه المميزات نفتقدها بالمؤسسات التعليمية اليوم، وذلك واضح من حالات العنف بمختلف أشكاله التي تسجل بين التلاميذ، وبين التلاميذ والأساتذة، وحتى في تعامل التلاميذ مع المؤسسات والمنشآت والتجهيزات. لذلك لابد من رد الاعتبار للجانب النفسي والانفعالي للتلاميذ وعدم التركيز فقط على الجانب المعرفي والطريقة التقليدية في التدريس، لأن التلميذ ليس ألة يتم تطويعها بالطريقة التي تخدم مصالح جهة أو طبقة أو فئة معينة، وإنما هو شخصية اعتبارية لها ملكات خاصة يجب مساعدته على اكتشافها وتطويعها بنفسه وفق ميولاته ورغباته.


 ومن هذا الاعتبار نسجل النقط التالية:

- التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية على الخصوص ضرورة ملحة أكثر من ذي قبل.

- الوعي بأهمية التربية الجمالية من لدن الجهات المسؤولة عن التربية والتكوين، ومن طرف الأساتذة والآباء والأمهات وأولياء والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

- لابد من توسيع مجال التربية الفنية والتشكيلية بالبرامج والمناهج التعليمية بالمدرسة الابتدائية، لكي لا تبقى مقتصرة على الأسلوب التقليدي المتمثل في التعامل مع أنشطة الكتاب المدرسي من دون وسائل ولا تقنيات.

- ضروة إدخال التربية الموسيقية والمسرح والسينما في البرامج والمناهج، ليس فقط كدروس وأنشطة في بعض المواد وإنما كتخصصات قائمة بذاتها.

- تكوين الأساتذة في التخصصات الفنية بطريقة منتظمة، أو إدخال أساتذة متخصصين في المسرح والسينما والرسم والتشكيل....

بيبليوغرافيا:

- مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، ترجمة: شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، لبنان، ط1، 2009.

- الصديق الصادقي العماري، التربية والتنمية وتحديات المستقبل-مقاربة سوسيولوجية-، أفريقيا الشرق، ط2،  الدار البيضاء-المغرب، 2015.

- عبد المجيد العابد، السيميائيات البصرية: قضايا العلامة والرسالة البصرية، محاكاة للدراسات ولنشر والتوزيع، سورية، دمشق،2013 .

- شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، دراسة في سيكولوجية التذوق الفني، سلسلة عالم المعرفة، عدد 267، 2001.

- الحسين إبراهيم، ديداكتيك التربية التشكيلية: السلك الثاني من التعليم الأساسي نموذجا، مجلة عالم المعرفة، عدد 11، 2001.

- الصديق الصادقي العماري، فلسفة الفن وعلاقتها بميلاد الجمالية، مجلة المسرح العربي، العدد 24، الهيئة العربية للمسرح، الإمارات العربية المتحدة، الشارقة، 2018.

- محسن محمد عطيه، الفن والجمال في عصر النهضة، عالم الكتب، القاهرة، 2002.

- عبد العزيز بن عبد الجليل، مقاصد التربية الموسيقية، مجلة عالم التربية، عدد 11، 2001.

- بوشعيب الزين، التربية الجمالية بالمدرسة المغربية: محاولة للتركيب، مجلة عالم التربية، عدد 11، .2001



-[1]الصديق الصادقي العماري، التربية والتنمية وتحديات المستقبل-مقاربة سوسيولوجية-، أفريقيا الشرق، ط2،  الدار البيضاء-المغرب، 2015، ص 40.

-[2]مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، ترجمة: شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، لبنان، ط1، 2009م، 21.

-[3]شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، دراسة في سيكولوجية التذوق الفني، سلسلة عالم المعرفة، عدد 267، 2001، ص 8. بتصرف

-[4]بوشعيب الزين، التربية الجمالية بالمدرسة المغربية: محاولة للتركيب، مجلة عالم التربية، عدد 11، 2001، ص 44.

-[5]محسن محمد عطيه، الفن والجمال في عصر النهضة، عالم الكتب، القاهرة، 2002م، ص14.

-[6]شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، ص 8.

-[7]الصديق الصادقي العماري، فلسفة الفن وعلاقتها بميلاد الجمالية، ضمن: مجلة المسرح العربي، العدد 24، الهيئة العربية للمسرح، الإمارات العربية المتحدة، الشارقة، 2018، ص 61.

-[8]شاكر عبد الحميد، ، المرجع السابق، ص15.

-[9] بوشعيب الزين، المرجع السابق، ص 47.

-[10]عبد العزيز بن عبد الجليل، مقاصد التربية الموسيقية، مجلة عالم التربية، عدد 11، 2001، ص. 251 

-[11]عبد المجيد العابد، السيميائيات البصرية: قضايا العلامة والرسالة البصرية، محاكاة للدراسات ولنشر والتوزيع، دمشق، سورية،2013 ، ص52.

-[12]عبد المجيد العابد، المرجع السابق، ص 53.

-[13]الحسين إبراهيم، ديداكتيك التربية التشكيلية: السلك الثاني من التعليم الأساسي نموذجا، مجلة عالم المعرفة، عدد 11، 2001، ص58.

 ............................................

مصدر المقالة:

الصديق الصادقي العماري، التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية، مجلة كراسات تربوية، العدد الثالث، مطبعة شمس برنت، مدينة سلا، المملكة المغربية، 2018، ص ص 26-45.

....................

#الصديق_الصادقي_العماري(هاشتاغ)

............................

 موقع الأستاذ الصديق الصادقي العماري

 212664906365+ adkorasat1@gmail.com

تعليقات

  1. إن الحاجة إلى التربية الجمالية بالمدرسة تمليها عدة اعتبارات، أولا، هذه التربية تستهدف الشخصية في أبعادها المتنوعة لتنمي لديها الإحساس بالجمال، والقدرة على إعمال الخيال والنزوع المستمر نحو الإبداع والابتكار. ثانيا، أنها تتعلق بعمليات الإبداع والتذوق الفني، والتي ترتبط بدورها بعمليات الإدراك والتصور، والتفكير والتصرف لدى الإنسان عامة والطفل خاصة. إنها تربية تتعلق بصميم الإنسان. ثالثا، أن التربية الجمالية مشروع شامل ومتكامل، تصب فيه التربية على المسرح، والتربية الموسيقية، والتربية التشكيلية، والتربية السينمائية...، وكلها روافد تتقاطع في مقصد أساسي هو تنمية الشخصية وصقل مواهبها بكل مكوناتها. فما التربية الجمالية؟ وما هي روافدها وأسسها؟ وأين تتجلى الحاجة لهذه التربية؟

    ردحذف
  2. الأطفال يميلون بغريزتهم إلى محاكاة الأصوات الموسيقية ومسايرة إيقاعاتها المختلفة. فهم يحبون الموسيقى ويتأثرون بها، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة أثناء استماع الأطفال إلى الموسيقى. فهم بالإضافة إلى إظهار العلامات المعبرة عن سرورهم وارتياحهم يعملون على مسايرة إيقاع اللحن الموسيقي بالتصفيق أو الحركات الإيقاعية أو الرقص، لا بل يذهبون إلى أبعد من ذلك فيحاولون محاكاة الموسيقى وتقليد أصواتها عن طريق الغناء أو التنغيم. وأكبر دليل على حب الأطفال للموسيقى تلك الألعاب الشعبية والحركات الإيقاعية التي يقوم بها الأطفال مصحوبة بالأغاني الإيقاعية البسيطة التي ينقلونها من البيئة التي يعيشون فيها بعد صياغتها بقالبهم الخاص، لا بل يذهب بعضهم إلى ابتكار بعض الألعاب والأغاني، فتراهم يختارون من المقاييس ولأوزان الموسيقية أبسطها ويصيغون الأغاني بألفاظ وعبارات موزونة، وباللهجة العامية (الدارجة) وقد تحتوي على بعض الألفاظ الخالية من المعنى ولكنها غنية بالإيقاع والقافية .

    ردحذف
  3. المسرح فن من الفنون المتجذرة في التاريخ، بل يعتبر أبا لكل الفنون، وهو شكل من أشكال التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والانفعالات، عن طريق تقنيتي الكلام والحركة، بالاعتماد على مجموعة من الوسائط المساعدة كالملابس والإضاءة والموسيقى وغيرها. وقد لعب المسرح على مر التاريخ أدوار طلائعية في التثقيف والتربية والتكوين، وكذا التطور والتقدم الذي عرفه العالم، إذ حاول أن يكون وسيطا مساهما في تغيير العديد من الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وما يميزه هو أنه مرتبط دائما بقضايا المجتمع وإشكالاته الكبرى، وكونه في حوار دائم مع الجمهور.

    ردحذف
  4. مفهوم الجمال متعدد ومتشعب ولا يمكن تحديده ببساطة، لأنه مرتبط بتعدد المرجعيات الفكرية والنقدية. لذلك، الإجابة عن السؤال: ما الجمالية؟، صعبة ومعقدة لتداخل التعاريف وتعددها وتشعبها. وعلم الجمال الحديث، كما نعرفه اليوم، إن أمكن أن نتتبعه بدءا من القرن الثامن عشر عندما ابتكرت هذه الكلمة لأول مرة من خلال الفيلسوف بومغارتن. ومن حيث فقه اللغة فإن الجماليات كانت تعني دراسة الإدراك الحسي، لكن ولع بومغارتن بالشعر خاصة والفنون عامة جعله يعيد تعريف حدود هذا الموضوع على أنه: ʺنظرية الفنون العملية أو علم المعرفة الحسية

    ردحذف
  5. والجمالية، كاتجاه فلسفي، لم تنشأ نتيجة اتفاق معين، أو إجماع محدد، و إنما جاءت نتيجة مسار طويل وتراكمات عديدة، من خلال محطات تاريخية غنية، وفي كل محطة تتولد و تنضج أفكار وقناعات معينة لدى الباحثين والمفكرين والفلاسفة على وجه الخصوص، لها علاقة بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، والتي تدخل بشكل مباشر في بناء الفن و العمل الفني و تمظهراته الجمالية.

    ردحذف
  6. ففي التعبير التشكيلي يتمكن المتعلم من توظيف كل المكتسبات السابقة من تعلمات وتمثلات وترسبات،...، حيث يحاول تحويل صورة ذهنية إلى نص مجسد عبر الألوان والأشكال والأحجام والزخرفة وغيرها، حيث يدخل المتعلم في حوار موسع مع كل هذه الوسائل، من خلال عمليات الانتقاء والتوظيف والتناسق والترابط، من أجل خلق وحدة فنية متكاملة تترابط فيها الأجزاء فيما بينها لتشكل صورة تشكيلية معبرة ذات معنى ودلالة. وتهدف التربية التشكيلية إلى تحقيق جملة من الأهداف العامة، يمكن تلخيصها فيما يلي:

    ردحذف
  7. بيبليوغرافيا:
    - مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، ترجمة: شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، لبنان، ط1، 2009.
    - الصديق الصادقي العماري، التربية والتنمية وتحديات المستقبل-مقاربة سوسيولوجية-، أفريقيا الشرق، ط2، الدار البيضاء-المغرب، 2015.
    - عبد المجيد العابد، السيميائيات البصرية: قضايا العلامة والرسالة البصرية، محاكاة للدراسات ولنشر والتوزيع، سورية، دمشق،2013 .
    - شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، دراسة في سيكولوجية التذوق الفني، سلسلة عالم المعرفة، عدد 267، 2001.

    ردحذف
  8. - التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية على الخصوص ضرورة ملحة أكثر من ذي قبل.

    ردحذف

إرسال تعليق

يمكنكم كتابة تعليق كقيمة تفاعلية مع الموضوع: إضافات، أو تساؤلات، أو انتقادات علمية، أو توجيهات، أو ملاحظات....

مشاركات

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

إعلان طلبات النشر في مجلة كراسات تربوية. العدد (13) فبراير 2024

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي بعنوان: علوم التربية والترجمة: الواقع والآفاق. يونيو 2024

تخطيط التعلمات: نموذج جذاذة في مادة اللغة العربية

جماليات التلقي من أجل تأويل النص الأدبي/الصديق الصادقي العماري

خلاصات

مشاركات

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

سوسيولوجيا الفيلم الوثائقي الواقعي -أسس وقضايا-

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دواعي اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل للإصلاح البيداغوجي

إعلان خلاصات2

مشاركات

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

برنامج فنون الفرجة الشعبية الحلقة7: فرجة احتفالية أحيدوس بالجنوب الشرقي

دواعي اعتماد المقاربة بالكفايات كمدخل للإصلاح البيداغوجي

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

إعلان خلاصات3

مشاركات

سوسيولوجيا السينما: الصورة والمجتمع

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي في موضوع: "الثقافة الشعبية والتراث المحلي بالمغرب الواحي: إشكالات ومقاربات" تنسيق: د. عبد القادر محمدي

ندوة وطنية بالرشيدية حول موضوع : أولويات المدرسة المغربية لتحقيق رهانات التنمية

جماليات التلقي من أجل تأويل النص الأدبي/الصديق الصادقي العماري

دعوة للمشاركة في تأليف كتاب جماعي تحت عنوان: " ديناميات وتحولات المجتمع المغربي "

خلاصات أخرى

المشاركات الشائعة

سوسيولوجيا السينما: الصورة والمجتمع

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي في موضوع: "الثقافة الشعبية والتراث المحلي بالمغرب الواحي: إشكالات ومقاربات" تنسيق: د. عبد القادر محمدي

ندوة وطنية بالرشيدية حول موضوع : أولويات المدرسة المغربية لتحقيق رهانات التنمية

جماليات التلقي من أجل تأويل النص الأدبي/الصديق الصادقي العماري

دعوة للمشاركة في تأليف كتاب جماعي تحت عنوان: " ديناميات وتحولات المجتمع المغربي "

إعلان خلاصات4

مشاركات

سوسيولوجيا السينما: الصورة والمجتمع

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي في موضوع: "الثقافة الشعبية والتراث المحلي بالمغرب الواحي: إشكالات ومقاربات" تنسيق: د. عبد القادر محمدي

pub3