مجلة كراسات تربوية: الارتقاء بالعملية التعليمية في ضوء الرؤية ااستراتيجية2015/2030.ذ عبد الحق لوشاحي

مجلة كراسات تربوية
محاضرة علمية بعنوان:
الارتقاء بالعملية التعليمية في ضوء الرؤية ااستراتيجية2015/2030.
تقديم: ذ عبد الحق لوشاحي

لا يخفى على المهتمين اليوم بالتعليم وسياساته، ما يستلزم من الجهد والعناية للوقوف على مكامن الضعف والوهن، وتداركها بالتقويم، والتعديل، والتجديد، وكذا الوقوف على أسباب النهوض والتقدم واستثمارها، وحسن استغلالها من أجل الوصول إلى سياسة تعليمية ناجحة ترتبط بالواقع وتعمل على تنميته. 


وفي هذا الإطار، جاءت الرؤية الاستراتيجية (2015-2020) لإصلاح منظومة التربية والتكوين، بزخم وافر من المعارف والمشاريع والبرامج تتضمن عدة إصلاحات تهم المنظومة التربوية؛ فالرؤية هي امتداد للإصلاحات التربوية السابقة، ومنها الميثاق الوطني باعتباره الإطار المرجعي المعتمد في كل إصلاح، وما يقتضيه من مواءمات وتطوير، بل هي إعادة إحياء مجموعة من مقتضياته، وما تتطلبه من ملاءمة، ومراجعة، وتنقيح، واستجابة للمستجدات والتغييرات الطارئة.

وتبعا لذلك نتساءل عن المراد بالرؤية الإستراتيجية، وعن مضامينها، ومرجعياتها، وسياقاتها التاريخية، وهل الرؤية الاستراتيجية تشكل بديلا عن الميثاق الوطني، أم أن الإصلاح لا يتم إلا باستحضار الخطتين معا؟ وما الجديد الذي أتت به لإصلاح المدرسة المغربية؟ وكيف رتبت أولوياتها في المرحلة الراهنة؟ وإلى أي حد تستجيب هذه الرؤية لانتظارات وتطلعات النظام التربوي؟.

 

تتحدد معالم الرؤية الإستراتيجية انطلاقا من التقرير التحليلي حول "تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000-2013: "المكتسبات والمعيقات والتحديات"، الذي شخص مجموعة من الاختلالات، ورصد أوجه قصور عدة "ترتبط بضعف وتماسك وانسجام مكونات المنظومة التربوية، وبمستوى نجاعتها ومردوديتها الداخلية والخارجية، وملاءمة مناهجها وتكويناتها مع متطلبات المحيط، وذات صلة أيضا بالنقص الشديد في إدماج بنيات مجتمع المعرفة وتكنولوجياته المتجددة، وبمحدودية مواكبتها لمستجدات البحث العلمي وعالم الاقتصاد ومجالات التنمية البشرية والبيئية والثقافية"([1]).

وبناء على هذا التقرير الذي أنجزته الهيئة الوطنية لتقييم المنظومة التربوية سنة 2014. أصدر المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي رؤيته الاستراتيجية للإصلاح (2015-2030)، والذي قدم للملك محمد السادس بتاريخ 20 ماي 2015، وانطلقت من قراءة تشخيصية ترصد المكتسبات والمعيقات، نحو رؤية تستشرف ما ينبغي القيام به للرفع من جودة المنظومة التربوية. وهي استراتيجية متماسكة تمثل تحيينا للميثاق، واستحضارا للتحولات البنيوية، والرهانات المجتمعية في الألفية الثالثة، والتي تقتضي بناء مدرسة جديدة تستطيع الاندماج في مجتمع، واقتصاد المعرفة([2]).


فالرؤية الاستراتيجية دراسة مندمجة ومتكاملة، جاءت كثمرة للمحاولات الاصلاحية السابقة، ومستدركة لمواقع النقص والخلل فيها، ومستحضرة للمستجدات السياسية للبلد والسوسيواقتصادية؛ فضلا عن خلق مدرسة الإنصاف، وتكافؤ الفرص، وقد تميزت بالإجراءات المفعلة لتقويم المحطات الإصلاحية على شكل دوري، بقصد التعديل والتقويم، في نفس الوقت الذي تنزل فيه بنودها، ومبادئها في الميدان التربوي.

ولاشك، أن المدرسة المغربية حققت مكتسبات عديدة يتعين توطيدها وتطويرها، كما أنها تعاني من اختلالات عويصة ينبغي تفاديها وتجاوزها. على النحو التالي:

­ تحديث الإطار القانوني المؤسساتي؛

­ التقدم الكمي في تعميم التمدرس؛

­ بداية إرساء حكامة جديدة قائمة على اللاتمركز واللاتركيز، ولاسيما بتطوير الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

­ تخويل الاستقلالية للجامعة نسبيا.

­ مراجعة البرامج والمناهج الدراسية.

­ اعتماد هندسة بيداغوجية جديدة في التعليم العالي.

­ إدراج تدريس اللغة والثقافة الأمازيغية.

­ إعادة هندسة شعب التكوين المهني وتخصصاته والتوسيع التدريجي لطاقته الاستيعابية.

­ الشروع في تأهيل التعليم العتيق([3]).


السجيل الكامل للمحاضرة كاملة

 

على أهمية هذه المكتسبات، فإن المدرسة المغربية لا تزال تعاني من اختلالات مزمنة، وقف عليها المجلس خصوصا، من خلال التقرير الذي أعدته الهيئة الوطنية لديه سنة 2014:

-  ضعف التمكن من اللغات والمعارف والكفايات والقيم؛

-  محدودية نجاعة أداء الفاعلين التربويين وما يعانيه التكوين الأساس والمستمر من نقائص؛

-  استمرار الهدر المدرسي والمهني والجامعي؛

-  الولوج المحدود للتعلم عبر التكنولوجيات التربوية؛

-  ضعف المردودية الكمية والكيفية للبحث العلمي؛

-  التردد في معالجة الإشكاليات العرضانية، ولاسيما مسألة تعلم اللغات ولغات التدريس.

-  ضعف المردودية الخارجية ([4]).

وبهذا تكون الرؤية الاستراتيجية متميزة عن غيرها من محاولات الإصلاح بشمولية الإطار، وسعة الاطلاع، وواقعية التنظير بتحديد الفاعلية ودعمها، ورصد الاختلالات والعمل على تفاديها.


2- الرؤية الإستراتيجية: الغايات والأهداف

تأتي الرؤية الإستراتيجية كاستجابة للمطالب الوطنية الملحة، بإعادة النظر في خطط الإصلاح التي تهتم بالتعليم، ومواجهة المشاكل العويصة التي تنخر كيانه، وخاصة بعد الفشل الذي طال عدة محطات إصلاحية سابقة؛ ما دفع المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى القيام بمهامه الدستورية والقانونية، باعتباره أعلى هيئة للدولة انتدبت نفسها لهذا الإصلاح، واستنادا إلى الدستور 2014، واستجابة للدعوة الملكية بتاريخ 10 أكتوبر2014، الرامية إلى وضع إستراتيجية محددة وشاملة لهذا الغرض. فضلا عن ضرورة تأهيل المدرسة وتجديدها، باعتبارها حاجة ملحة لإصلاح المجتمع وتنميته.

وبناء على هذه المرتكزات السابقة (الدستور المغربي، الخطابات الملكية، الميثاق الوطني، والاتفاقات الدولية)، جاءت الرؤية الاستراتيجية لتعتمد على ما جاء في الميثاق الوطني، باعتباره إطارا عمليا جادا ومفيدا، ينبغي تفعيله، ومواكبته بالتقويم والتعديل.

وبذلك يمكن تحديد جوهرها وقوامها في هذه الأسس الثلاثة:

- الإنصاف وتكافؤ الفرص.

- الجودة للجميع.

- الارتقاء بالفرد والمجتمع ([5]).

هذه الأسس هي الناظمة للإصلاح، والكفيلة بتحقيق أهدافه لمواكبة التحديات، والرهانات في مجال تجديد المنظومة التربوية، ومن أجل ريادة وتدبير جديدين للتغيير.



[1]البرجاوي المصطفى، حول التربية والتعليم في المغرب الرهان والواقع، منشورات الزمن، المغرب-2017م- ص:45. وللتفصيل في نتائج التقرير التحليلي ينظر: التقرير التحليلي لتطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين (2000-2013)، الصادر عن الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين، دجنبر 2014.

[2]الخياري عبد الله:، الإصلاحات التعليمية في المغرب، قراءة في كتاب، هوامش على دفتر إصلاح التعليم، مجلة التدريس، العدد 9 -10، س2018- ص:115.

[3]المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،  رؤية إستراتيجية للإصلاح (2015-2030)– ص:7-8.

[4]المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، مرجع سابق- ص:7-8.

[5]المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، المرجع السابق، ص:11.

................................................

موقع الأستاذ الصديق الصادقي العماري
212664906365+
adkorasat1@gmail.com

تعليقات

مشاركات

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

إعلان طلبات النشر في مجلة كراسات تربوية. العدد (13) فبراير 2024

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي بعنوان: علوم التربية والترجمة: الواقع والآفاق. يونيو 2024

جماليات التلقي من أجل تأويل النص الأدبي/الصديق الصادقي العماري

تخطيط التعلمات: نموذج جذاذة في مادة اللغة العربية

التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية

مجلس تدبير المؤسسة آلية للتأطير والتدبير التربوي والإداري

خلاصات

مشاركات

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

سوسيولوجيا الفيلم الوثائقي الواقعي -أسس وقضايا-

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية

إعلان خلاصات2

مشاركات

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

الجزء الأول: قراءة في كتاب ''المسألة القروية في المغرب''. تأليف الدكتور عبد الرحيم العطري

التربية الجمالية بالمدرسة الابتدائية

تخطيط التعلمات: نموذج جذاذة في مادة اللغة العربية

إعلان خلاصات3

مشاركات

سوسيولوجيا السينما: الصورة والمجتمع

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي في موضوع: "الثقافة الشعبية والتراث المحلي بالمغرب الواحي: إشكالات ومقاربات" تنسيق: د. عبد القادر محمدي

جماليات التلقي من أجل تأويل النص الأدبي/الصديق الصادقي العماري

ندوة وطنية بالرشيدية حول موضوع : أولويات المدرسة المغربية لتحقيق رهانات التنمية

دعوة للمشاركة في تأليف كتاب جماعي تحت عنوان: " ديناميات وتحولات المجتمع المغربي "

خلاصات أخرى

المشاركات الشائعة

سوسيولوجيا السينما: الصورة والمجتمع

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي في موضوع: "الثقافة الشعبية والتراث المحلي بالمغرب الواحي: إشكالات ومقاربات" تنسيق: د. عبد القادر محمدي

جماليات التلقي من أجل تأويل النص الأدبي/الصديق الصادقي العماري

ندوة وطنية بالرشيدية حول موضوع : أولويات المدرسة المغربية لتحقيق رهانات التنمية

دعوة للمشاركة في تأليف كتاب جماعي تحت عنوان: " ديناميات وتحولات المجتمع المغربي "

إعلان خلاصات4

مشاركات

سوسيولوجيا السينما: الصورة والمجتمع

جماليات التلقي في فنون الأداء :المسرح والسينما نموذجا

إيقاعات التعلم وأنماطه: من الفروقات الفردية إلى تحقيق نفس الأهداف. الصديق الصادقي العماري

المقاربة بالكفايات ونظريات التعلم

أخطاء الممارسة المهنية، الفرق بين الجذاذة والبطاقة التقنية. الجزء الثاني

دعوة للمشاركة في كتاب جماعي في موضوع: "الثقافة الشعبية والتراث المحلي بالمغرب الواحي: إشكالات ومقاربات" تنسيق: د. عبد القادر محمدي

pub3