طقوس احتفالية العرس الجرفي بتافيلالت

طقوس احتفالية العرس الجرفي بتافيلالت

الصديق الصادقي العماري

#الصديق_الصادقي_العماري(هاشتاغ)

باحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا

تقع منطقة الجرف بجهة درعة تافيلالت بالجنوب الشرقي من المغرب، بين تنجداد وأرفود. والعرس الجرفي يتميز بطقوس خاصة، تبدأ منذ الخطبة حتى نهاية العرس، تحتفل فيها الأسرة والعائلة والقبيلة كاملة  بهذا الحدث المقدس الذي يحظى بعناية واهتمام من قبل جميع منطقة الجرف ككل من حيث المساعدة والمساندة والتضامن. ويعرف  العرس أحداثا ووقائع مليئة بالفرح والاحتفال الفرجوي من طرف الرجال والنساء والأطفال. فالأعراس بمنطقة الجرف تتميز بميزة خاصة مقارنة مع القرى والمناطق المجاورة بالرغم من أنها تتقاطع معها في بعض الخصائص الاحتفالية على وجه الخصوص.

v.ما قبل حفل الزفاف

.üمرحلة الخطبة أو "الرزوز"

الخطوبة تتم بين الأبوين، من دون علم الفتى والفتاة، لأنه يعد عيبا أن يطلب الفتى من والديه رغبته الزواج من فتاة معينة، وهو الأمر نفسه عند الفتاة. وكلمة "الرزوز" تفيد أن صاحبي الرزتين أي الأبوين اتفقا ولا يمكن أن يفسخ هذا الاتفاق حتى وإن رفض الشابين. و "الرزوز" هو التزام بين الأبوين والعائلتين لا يمكن أن يخلف مهما حصل ما عدا إذا صدر من الأبوين.

ü.تأكيد الخطبة أو "الترسية"

يذهب والدا الفتى ومعهم فردين أو أكثر من العائلة والقصر إلى بيت الفتاة بعد إخبارهم سابقا بوقت الزيارة، حاملين معهم هدايا مثل السكر اللحم والزيت والطحين وألبسة للعروس. يتم استقبال عائلة الفتى بالزغاريد والأفراح والأهازيج، وهي رسالة للجيران والأهل على مناسبة ترسية انتهم. خلال هذا اللقاء يتم الاتفاق على توثيق العقد ومستلزمات حفل الزفاف وموعده.

v.احتفالات الزفاف أو العرس

ü.اليوم الأول: الدبيحة أو الطعيم عند عائلة العريس

تتم الدبيحة على الساعة الثامنة صباحا بواسطة عجل كبير تمت تربيته في منزل العريس لمدة سنة كاملة، بحضور أهل العريس وأصدقائه وجيران العائلة. تبدأ النساء بالزغاريد وضرب الدفوف احتفاء بهذا الحدث البارز، أما الرجال فيباشرون بالأناشيد، بصيغتها التقليدية، التي تخص مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل ''العاشق في النبي يصلي عليه، "اللهم مصلي عليك يا رسول الله، الحبيب سيدي، والجاه النبي إلى الجاه العالي''، وفي هذه الأثناء يحضر الرجال العجل الضخم بعدما تهيأ ''فقيه القصر'' بسكينه الكبير والحاد، وبعد إحكام العجل من طرف ثلة من الرجال الموثوق بهم من حيث القدرة والاستطاعة، يقوم الفقيه بذبح الذبيحة، في الوقت الذي تتعاظم فيه زغاريد النساء وطربهم وكذلك مدح الرجال بأصواتهم العالية.

بعد عملية الذبح يتوزع الرجال كل حسب مهمته، منهم من يساعد الجزار في سلخ جلد العجل وتقطيع لحمه، أما أبو العريس فيعمل بمعية أفراد العائلة بتهيئة اللحم وتقسيمه حسب أيام العرس، ومن الأبناء من يتكلف بمساعدة بعض الأصدقاء والأقارب على تهييئ مكان الجلوس وجلب الأواني وكل ما يلزم من أفرشة وأغطية وغيرها من عند بيوت العائلة والجيران.

يحضر أعيان القصر من الشيخ والمقدم والمزراك وأعضاء الجماعة السلالية مع العاشرة صباحا، لأن وجبتهم الغذائية لها توقيتها الخاص، حيث تقدم لهم أطباق الإسفنج والبغرير والشاي...، وهم في حديث مطول عن القبيلة والقايد وامور القبائل المجاورة ...، بعدها يتناولون وجبة الغذاء ويخرجون مع الظهيرة. بعد ذلك يحضر ناس الطعيم، وهم أهل القصر بكامله بما فيهم العائلة والجيران. ويحكى أن بعض العائلات الذين لا يتوفرون على مكان كاف يستوعب جميع أفراد القصر يقومون بتوزيع "طابك" من العجل على جميع بيوت القصر من دون الحضور إلى وجبة الغذاء، بعد صلاة المغرب (صداق الحزب) يحضر فقهاء (الطلبة) القصر إلى بيت عائلة العريس، حيث يتم إحياء ليلة بالقرآن الكريم ومدح الرسول صلى محمد الله عليه وسلم، والعديد من الأدعية والأذكار حتى وجبة العشاء.

ü اليوم الثاني: الدبيحة أو الطعيم عند عائلة العروسة

خلال هذا اليوم تتجه الأنظار إلى العروس وعائلتها، حيث تكون عائلة العريس من بين "المعروضين" عند العروس. الدبيحة أو الطعيم عند عائلة العروس تتم على الساعة الثامنة صباحا بواسطة عجل كبير تمت تربيته في منزل العروس، بحضور أهل العروس وأصدقائها وجيران العائلة. تبدأ النساء بالزغاريد وضرب الدفوف احتفاء بهذا الحدث البارز، أما الرجال فيباشرون بالأناشيد، بصيغتها التقليدية، التي تخص مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل ''العاشق في النبي يصلي عليه، "اللهم مصلي عليك يا رسول الله، الحبيب سيدي، والجاه النبي إلى الجاه العالي''، وفي هذه الأثناء يحضر الرجال العجل الضخم بعدما تهيأ ''فقيه القصر'' بسكينه الكبير والحاد، وبعد إحكام العجل من طرف ثلة من الرجال الموثوق بهم من حيث القدرة والاستطاعة، يقوم الفقيه بذبح الذبيحة، في الوقت الذي تتعاظم فيه زغاريد النساء وطربهم وكذلك مدح الرجال بأصواتهم العالية.

يحضر أعيان القصر من الشيخ والمقدم والمزراك وأعضاء الجماعة السلالية مع العاشرة صباحا، لأن وجبتهم الغذائية لها توقيتها الخاص، حيث تقدم لهم أطباق الإسفنج والبغرير والشاي...، وهم في حديث مطول عن القبيلة والقايد وامور القبائل المجاورة ...، بعدها يتناولون وجبة الغذاء ويخرجون مع الظهيرة. بعد ذلك يحضر ناس الطعيم، وهم أهل القصر بكامله بما فيهم العائلة والجيران. ويحكى أن بعض العائلات الذين لا يتوفرون على مكان كاف يستوعب جميع أفراد القصر يقومون بتوزيع "طابك" من العجل على جميع بيوت القصر من دون الحضور إلى وجبة الغذاء, بعد صلاة المغرب (صداق الحزب) يحضر فقهاء (الطلبة) القصر إلى بيت عائلة العريس، حيث يتم إحياء ليلة بالقرآن الكريم ومدح الرسول صلى محمد الله عليه وسلم، والعديد من الأدعية والأذكار حتى وجبة العشاء.

üاليوم الثالث: "قطيع الجريدة" و "تكفوت"

·"اجهاز" الخاص بالعروس

ينطلق هذا اليوم احتفاء بالعروس و "اجهازها". تذهب العروس مع صديقاتها للحمام مع العاشرة صباحا، في طقوس و أغاني احتفالية، ونفس الشيء أثناء عودتها للمنزل. تستقبلها العائلة بالزغاريد والصلاة على النبي الكريم، مقدمين لها التمر والحليب. و "اجهاز" العروس هو كل ما يقدمه العريس للعروس من هدايا في احتفالية بهيجة أمام جميع الناس، و يتكون في الغالب من:

§العروس: قفطان، سبنية، تحتية، فوقية، حذاء، حزام، مضمة، بلغة، سروال، إزار، عطر، كحل، مسواك، تكشيطة، وكل ما تحتاجه العروس.

وعدد هذه اللوازم يختلف من عائلة إلى أخرى

§.أب العروس: جلباب أبيض، سروال فضفاض، رزة، بلغة،...

§.أم العروس : قفطان، إزار، سبنية، حذاء،...

§.الإخوة الذكور: عباءة، سروال، حذاء....

§.الإخوة الإناث : قفطان، حذاء، سبنية...

تحضر عائلة العريس "اجهاز" في احتفال بهيد على الطريق من بيت العريس إلى بيت العروس حاملين مهم هذه الهدايا على العربات وفوق "الطفورات". الرجال في لباس بالجلباب والعمامة والكمية والبلغة وكذلك الشباب والأطفال، أما النساء بالقفطان والحزام والسبنية، يضربون بالدفوف مرددين الأغاني البلدية: مثل "ها حنا جينا بالسلامة   الله يتاوي اللامة". أما الرجال والشباب في مقدمة القافلة. يصل موكب العريس ويجد في استقباله عائلة العروس وجيرانها وأهلها بالزغاريد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه والسلم. تقدم وجبة الغداء لعائلة العريس وأهله وجميع "المعروضين"، في العشية يعود الموكب إلى منزله.

·"قطيع الجريدة" أو "حناء العريس"

بعد صلاة المغرب ما يعرف ب وقت صداق الحزب، يلبس العريس لباسه التقليدي من جلباب أبيض ورزة بيضاء وبلغة وكمية وشكارة...، يمتطي صهوة الجواد، ويجرج في حفل بهيج إلى  ساحة كبيرة وسط القصر. أمام جمهور كبير من أهل وناس القصر تبدأ عملية "المزوكية" وهي قصائد شعرية زجلية تحمل رسائل للعريس ودعات له بالخير والبركة. تبدأ أم العريس وبعدها الأب، ثم العم والخال ...

أم العريس:

أنا أنا أنا أنا أنا        كاع اللي يبغينا يجينا اليوم

في عرس الغالي       ولدي الزين ما عزو عليا

يجيبها أب العريس:

أنا أنا أنا أنا أنا   سولت عليك الراحلة واللي تغيب

وزينك يا ولدي فلولاد ما لقيتو

يضيف بعد ذلك العم والعمة والخالة والخالة وهكذا، وبين المزوكية والأخرى تتم عملية الغرامى بواسطة هدايا مالية كالتالي : قال لها مول لكلام، عاود قالها مول الكلام، جات بركات ترسل تبريحة خالصة، من عند...،100 درهم يا الزغراتات... وتجدر الإشارة إلى أن العرس الجرفي يتم بفعل أغاني مثل النكادي والمزوكي و...، في كل محطة نوع من أنواع هذه الأغاني.

خلال هذه الاحتفال في ساحة القصر يذهب الصديق المقرب للعريس، والذي تم اختياره لكي يكون مرافقا ومساعدا له طيلة أطوار العرس من البداية حتى النهاية، يذهب مع شخصين إلى الغابة ليحضر "جريدة" وهي قطعة من النخيل. ويشترط فيه أن يقوم بقطعة ب "المزبرة"، وهي وسيلة حادة، ضربة واحدة دليلا على القوة والشجاعة. يقدم "الجريدة" لوالدة العريس التي تربط فيها قطعة ثوب خضراء وحزامها الذي تتحزم به.

ü.احتفالية حناء العريس

يعود موكب العريس إلى المنزل لتناول وجبة العشا، بعد قطيع الجريدة. ينفرد الأصدقاء بصديقهم العريس في حجرة خاصة بعيدة عن جماعة الناس "المعروضين". بعد ذلك يلبس العريس  ثيابه الخاصة بالحناء وليلة الاحتفال(عباءة بيضاء، جلباب أبيض، سلهام أسود، عمامة صفراء(رزة)، بلغة بيضاء أو صفراء، سروال أبيض فضفاض، كمية تحمل خنزرا، شكارة (القراب)...)، وقبل تناول وجبة العشاء يقدم أفرد العائلة للعريس مثل عمه وخاله، وأحد جيرانه "الهدية". "الهدية" يحملها العم مثلا على العربة وقد تضم الطحين والشعير والسكر والزيت وألبسة للأب والأم والإخوة والعريس...، في أجواء احتفالية متميزة بحضور الرجال و النساء والشباب.

يتم تحضير مكان حناء العريس وأصدقائه في مرتفع على شكل منصة، داخل ساحة كبيرة إما أمام المنزل أو وسط القصر. كما يحضر مكان خاص للفرقة الموسيقية التي ستنشط احتفال الحناء و"قصارة"، ومكان للحاضرين من العائلة والجيران وأهل القصر، إذ يؤخذ بعين الاعتبار مكان للرجال وآخر للنساء، والجميع يحيط بساحة كبيرة مكان الرقص والغناء.

يجلس الجميع في مكانه المخصص، وتبدأ الفرقة الموسيقية في بالأغاني الدينية في مدح  النبي، ثم الأغاني التقليدية المحلية مثل "أما عيشا"،  وهكذا. ويعد الاحتفال فرصة للتواصل بين الشباب ذكورا وإناثا، بعد إنهاء الفرقة إحدى المقطوعات يتقدم شاب وسط الساحة يؤدي شعرا من "المزوكي"، يرسل به رسالة إلى الفتيات، بعده تأخذ الفرصة إحدى الفتيات لترد عليه بنفس طريقة "المزوكي"، وتستمر هذه العملية طول الاحتفال.

بعد منتصف الليل، يتم طلاء الحناء في يدي ورجلي العريس من طرف أمه في طقوس احتفالية مليئة بالتعبيرات الشعرية والجسدية والتكبير والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مثل :

يردد الرجال :

الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله

تردد النساء :

حامدين الله على هاد الساعة    أ لالة والعاطي مولانا

 بيدي نحنيلو وأنا نمنيلوا    الشابات يلعبو وأنا نغنيلوا

وفي هذه الأجواء تستمر الاحتفالية وقتا ليس بكثير مع الفرقة الموسيقية والرقص، والجدير بالذكر أن الرقص خاص بالرجال إذ أنه كان هناك رجال يتقنون الرقص في جو من الفكاهة والتعبير الجسدي، إضافة إلى الرقص ب الصينية والبراد والكيسان، أجواء مفعمة بالفكاهة والمغامرة والتشويق بين الرجال والنساء، حنى نهاية الاحتفال. وبالنسبة للعريس يذهب مع زملائه إلى مكان غير معروف إلا من طرف الأب والأم والوزير فقط، حيث يحجب عن الأنظار حتى يوم الدخلة.

ü.احتفالية حناء العروس أو "تكفوت"

في نفس الوقت الذي ينجز فيه العريس "قطيع الجريدة" والحناء العروس كذلك تقوم بطقس مهم مرتبط بالحناء وهو "تفوكت". فبعد صلاة المغرب تقوم أم العروس بمعية النساء بتحضير لوازم الحناء وتفوكت، وهي مؤونة تتكون من: الحناء، بيضة بلدية طبيعية حية، الشموع، مشط جديد، البخور، كما يتم استدعاء امرأة مقتدرة من أجل مشط شعر العروس وتسمى "المشاطة".

يتم طقس "تكفوت" بوجود العروس وعائلتها وصديقاتها، والمشاطة التي تتفقد اللوازم حتى تصبح جاهزة. يبدأ الجميع بالزغاريد والطرب والغناء، تكون العروس واقفة مغطاة بثوب أبيض، تقوم المشاطة بإزالة الغطاء على رأس العروس وتشرع في عملية مشط الشعر في أجواء احتفالية متميزة، وفق أغاني ورقصات محددة لذلك، مثل:

أَ ضاربة تكفوت     الله ينجيها من الموت 

  (تكرر 6  أو 7 مرات  على الأقل)

يَا وريقة حنا      سيري ونبتي تما

(تكرر 6  أو 7 مرات  على الأقل)

الله الله الله      العروسة في عار الله(تكرر 

 6  أو 7 مرات  على الأقل)

أم العروس: 

فرحي يا جارتي، سعدي يا جارتي، زوجت بنيتي ما بقات اللومة عليا.

في غمرة هذا الاحتفال وبعد مدة من مشط شعر العروس من طرف المشاطة يتم كسر البيضة البلدية فوق رأس العروس بواسطة طفل صغير ومن الضروري ومن المؤكد أن يكون اسمه محمد تيمنا باسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. بعد كسر البيضة تجلس العروس في المكان المخصص لها مع صديقاتها. قبل وجبة الغذاء يقدم الأهل والأحباب هدايا للعروس كما تم بالنسبة للعريس، مثلا يحضر عمها أو خالها "الهدية" من بيتها إلى بيت أبيها محملا الزيت والسكر والحناء والألبسة...على متن العربة مصوبا بأغاني وأهازيج الأفراح والتمني بتمام الخير.

بعد زجبة العشاء تستمر النساء والعائلة في الطرب والسمر والأغاني الاحتفالية، بوجود العروس معهم، بالمزوكي و غيره من الأشكال الغنائية التعبيرية الجرفية مثل :

       هنا طاح اللويز      هنا اللعبو عليه

        أ شطاح الزليفة      ماما هي ضريفة

بعد مدة من الاحتفال والرقص تقوم أم العروس بطلاء رجلي ويدي ابنتها بالحناء بالزغاريد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم. بعد ذلك في النصف الأخير من الليل، تذهب العروس مع صديقاتها للنوم في حجرة خاصة لا يعرف مكانها إلا الأم والأب والصديقة المقربة التي تساعدها طيلة مدة العرس، وبذلك تحجب العروس حتى تزف إلى عريسها في اليوم الموالي.

ü.اليوم الرابع: "الرواح" أو "الدخلة"

منذ الصباح حتة وقت العصر، تقوم عائلة العروس بتحضير لوازم وفراش العروس الذي ستنقله لبيت العريس، لأن عائلة العروس هي التي تتكفل باقتناء الفراش أو الجهاز من الصداق الدي قدمه العريس لعروسه في العقد، واجهاز يتكون في الغالب من (أفرش، أغطية، ألبسة، أواني المطبخ، الماريو، الناموسيا، الحندير،...). بعد صلاة العصر، تحمل عائلة العروس "اجهاز" على متن العربات مصحوبة باحتفالية على طول الطريق إلى بيت العريس، حيث تجد أهل العريس في استقبالها بالزغاريد والأغاني المحلية، مثل:

 خليه أ لالة يضيع مالو 

  ما دا غير الزين بحالو

 أ عريسنا ما يغيدكش المال اللي عطيت

عروستنا راها من راس العين اللي ديت

 

يقوم الشباب من أهل العريس والعروس بإدخال "اجهاز" إلى حجرة العريس، أما نساء عائلة العروس تقوم بفرش الحجرة وتنظيم لوازمها.

بالنسبة للعريس يحجب عن أنظار الناس خوفا من العين أو تدبير أي مكيدة "للتقاف" بشأنبه لأنه مقبل على حدث عظيم ومقدس بالليل، ويعمل أصدقائه على حمايته من أي مكيدة أو زيارة، وبالنسبة لنساء العائلة ممن علمن بوجوده تتحجج بأي حجة من أجل أن تقوم بقرصه وهي يكون لها شرف المبادرة. وهو الأمر نفسه بالنسبة للعروس التي تحجب عن الأنظار في حجرة خاصة. فرفقة العريس أو العروس تتم في أجواء الفكاهة والأنس وتقديم النصائح من طرف أصحاب الخبرة في الزواج الذين عاشوا التجربة.

بعد صلاة العشاء، يستعد أهل العريس في استقبال العروس وأهلها، حيث يحضرون وجبة العشاء للرجال والنساء والناس المعروضين من أهل "القصر"، ولا تقدم وجبة العشاء إلا بعد حضورهم. كما تحضر وجبة عشاء خاصة للعريس وعروسه. تزف العروس إلى بيت عريسها في طقوس احتفالية محلية، ممتطية صهوة الحصان والجميع من ورائها ويمسك بالحصان من الأمام شخص عاقل راشد مقتدر. في باب بيت عائلتها وهي مغادرة تردد العامة العديد من الأغاني التي تعبر عن رحيلها وعبورها من مرحلة إلى أخرى في حياتها، مثل:

أهل العروس: 

دايرا سبنية وخارجة بالنية

لالة العروسة النقرة الحسنية

وفي الطريق والعروس على صهوة الجواد، ويركب أمامها طفل صغير، يردد الجميع في تناوب أحيانا بين الرجال والنساء ما يلي:

    أهل العريس: 

 الله يهنيكو يا دار باباها

أنتوما ريتو وحنا الديناها

    النساء: 

   لابسة صباح(نوع من الثوب) وزايدة السنارة 

    الرجال: خارجة من دار الباها كي النوارة

         بياضك يا وحيدة راه الثلج يطيح

        والتبروري في الجبال صايكاه الريح

 

وتجدر الإشارة أن موكب العروس يتحرك ببطء شديد، ويتوقف في محطات متعددة من أجل الرقص والغناء والتنافس في الغناء بين الشباب والفتيات والرجال والنساء، لدرجة أن مدة الانتظار تطول كثيرا وتتطلب صبرا كبيرا.

وعند وصول منزل العريس يتوقف الموكب مدة طويلة في طقوس احتفالية أخرى معبرة عن الحدث والزمن والمكان، مثل:

دخلها يا رب بالربح عليهو 

 هي حمامة زايدة فيهو

  عروسنا هودي وحلي باب الدار

  نشوفو زينك يا الباهيا مفتاح النوار 

امباركة عليك العتبةلالة وتسعدي بها

امباركة على مولاها 

 سيد الرجال اداها

تقدم الأم للعروس التمر و "زلافة" الحليب، بعد أكل تمرة تشرب الحليب وترش قليلا منه يمينها ويسارها في أجواء روحانية بالصلاة والسلام على رسول الله، مثل:

''العاشق في النبي صلو عليه،

"اللهم مصلي عليك يا رسول الله،

الحبيب سيدي،

والجاه النبي إلى الجاه العالي

الجنة للصابرين والنار الخايبين''،

تمسك الأم العروس بيمينها وتدخلها إلى حجرتها المخصصة لها، يدخل الناس و أهل العروس إلى "القبة" أو "الدويرية" وهو مكان الجلوس لتناول وجبة العشاء. تبقى العروس لوحدها في الحجرة، بعد انشغال الجميع بوجبة العشاء، على العريس أن يدخل إلى حجرته بجانب عروسه من دون أن يراه أحد خلسة، إما من المطبخ أو من السطح أو من سطح الجيران. وعليه أن يلقي تحية الإسلام على عروسه التي تبقى محجبة بقطعة ثوب على رأسها بالكامل. يقوم العريس بإزالة الغطاء الأبيض الشفاف على وجهها، ويقبل جبينها، خلال فترة من الوقت تقدم لهما وجبة العشاء، وبعد تناول الوجبة يصلي العريس بعروسه ركعتين شكرا لله، تقدم وجبة العشاء للحاضرين الذين يبقون في انتظار العريس عراب الليلة.

 

إنها ليلة الدخلة موضوعها والهدف منها معروف، فعلى العريس أن يسرع في إنجاز مهمته وتقديم قطعة ثوب إلى الناس الذين ينتظرونه في الخارج، وخاصة أم العروس وأهلها، وكذلك أهل العريس وأصدقائه. وتجدر الإشارة إلى أن أبا العروس يبقى في منزله في انتظار الأخبار عن إنجاز المهمة، يقدم العريس قطعة الثوب بها دم إنجاز المهمة المطلوبة، والذي يسلمها بدوره إلى أم العروس، حيث تقام طقوس من ورقص وغناء بالمناسبة، مثل:

أخت العريس : 

تبارك الله على خويا       غير ساعة دالمكانا

وتقدم التهاني والتبريكات لأم العروس وأهلها ولأم العريس وأهله، بالنسبة للأم قطعة الثوب مملوءة بالدم هي ما يبرئ دمتها وشرف ابنتها. يذهب الجميع لمنازلهم للنوم في انتظار الغد وما يحمله لهم من أنشطة وطقوس أخرى.

ü.اليوم الخامس: "زيارة العروس"

تقوم عائلة العروس بتهييئ مستلزمات المؤونة لزيارة العروس، تحضر الأم ومساعداتها "الخبز" والأكل مكون من "الشربة" و"البيض" و"الدجاج البلدي" و"الحمام البلدي" و"السفنج" وكل ما يساعدها على استرجاع الطاقة، وتحمله في الصباح إلى ابنتها مع نساء العائلة، وفي هذه الأثناء يزورها أبوها في أجواء حميمية من البكاء والشوق. كما يقوم أفراد عائلة العروس وعائلة العريس بزيارة العروس فرادى أو جماعات ويقدمون الهدايا بواسطة النقود إليها ويشاركونها الأكل والشرب ويفرحون معها سواء بوجود العريس أو غيابه، الذي بدورها يستقبل الزيارات من أهله وأصدقائه.

 

وتبقى الزيارات طيلة اليوم، حتة العشية بعد العصر يجتمع العريس مع أصدقائه في حجرة خاصة، والعروس مع صديقاتها وبوجود النساء، يحاول الجميع الاستفسار عن أحداث ووقائع ليلة الدخلة، في أجواء الفكاهة والمرح. وتجدر الإشارة إلى أن العائلة المقربة فقط هي التي تبقى في المنزل، أما عائلة العروس تقوم بالزيارة وتعود إلى منزلها، قد يبقى منهم أخت العروس.

ü.اليوم السادس: "الثلاثة أيام"

هذا اليوم يعرف بيوم "العكير"، فالعريس بعد الدخول على عروسه وأصبحت امرأة لا يضاجعها حتى الثلاثة أيام من الدخلة، لأنه مجبر على إتمام مهمته ب "العكير". تذهب العروس إلى الحمام مع صديقاتها وبعض أفراد العائلة، ويكون الحمام مخصصا للعروس فقط، بعد عودتها يقام احتفال كبير في المنزل بحضور العائلة بكاملها من العريس والعروس، حيث يخصص مكان واحد للعريس والعروس وع العامة، في العشية يحاول العريس القيام بعملية العكير من دون عنف أو تعصب.

ü.اليوم السابع: "حب الروس" أو "السبعة أيام" أو"الختام"

المميز في هذا اليوم أن عائلة العريس بكاملها بوجود العريس والعروس تقوم بزيارة بيت عائلة العروس، لتجديد اللقاء، وقيام العروس بزيارة تفقدية لأهلها وجيرانها وأصدقائها وإخوتها، وفي أجواء الفكاهة والفرح والممزوج  بالجد، يقوم العريس والعروس بتقبيل رأس أب العروس وأمها، تيمنا بهما واحتراما وتقديرا لهما، وهي رسالة بأن الأمور تمت بسلام والحمد لله، وأنهما في ود وسلام ووئام. بعد ذلك تعود عائلة العريس إلى بيتها، وهكذا تعيش العروس والعريس حياة أخرى.

#الصديق_الصادقي_العماري(هاشتاغ)

المصادر والمراجع :

§.الرواية الشفوية لأحداث ووقائع حفل الزفاف بمنطقة الجرف بواسطة أشخاص عايشوا الأحداث ومروا من تجربة زواج، بتاريخ 9/2019/03 ، وهم:

ü.رزوقي عبد الرحيم

ü.الفنان: اليحياوي بنسالم المعروف ب "سويلم الجرفي"

ü.مصطفى موجان

ü.زنوحي حسن

جمع وتحقيق: الصديق الصادقي العماري

باحث في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا